تعالى : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (البقرة : ٢٧٥) [على قوله : (وَذَرُوا الْبَيْعَ)] (١) (الجمعة : ٩) فإن قوله : (وَأَحَلَ) يدلّ على حلّ البيع ضرورة. ودلالة النهي على فساد البيع إما ألا تكون ظاهرة [أصلا ، أو تكون ظاهرة] (١) منحطة عن النصّ.
(فصل) قال القاضي أبو بكر (٢) في «التقريب» : لا يجوز تعارض آي القرآن والآثار وما توجبه أدلّة العقل ؛ فلذلك لم يجعل قوله تعالى : ([اللهُ] (٣) خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (الزمر : ٦٢) معارضا لقوله : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) (العنكبوت : ١٧) ، وقوله : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ) (المائدة : ١١٠) ، وقوله : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) (المؤمنون : ١٤) ، لقيام الدليل العقلي أنّه لا خالق غير الله [تعالى] ، فيتعين تأويل ما عارضه ، فيؤوّل (٤) قوله : (وَتَخْلُقُونَ) (العنكبوت : ١٧) ، بمعنى «تكذبون» لأن الإفك نوع من الكذب ، وقوله : ([وَإِذْ] (٥) تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ) (المائدة : ١١٠) أي «تصوّر».
ومن ذلك قوله : (إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (المجادلة : ٧) لا يعارضه قوله : (أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ) (يونس : ١٨) ؛ فإنّ المراد بهذا ما لا يعلمه أنه غير كائن ، ويعلمونه وقوع ما ليس بواقع ، لا على أن [من] (٥) المعلومات ما هو غير عالم به وإن علمتموه.
وكذلك لا يجوز جعل قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ [فِي الْأَرْضِ]) (٦) (آل عمران : ٥) معارضا لقوله : (حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ) (محمد : ٣١) ، وقوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (القيامة : ٢٣) ، معارضا لقوله : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) (الأنعام : ١٠٣) في تجويز الرؤية وإحالتها ، لأنّ دليل العقل يقضي بالجواز ، ويجوز تخصيص (٧) النفي بالدنيا والإثبات بالقيامة.
وكذلك لا يجوز جعل قوله : (وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) (ق : ٣٨) معارضا لقوله : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) (الروم : ٢٧) [٨٣ / أ] بل يجب تأويل «أهون» على «هيّن».
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) هو محمد بن الطيب الباقلاني تقدمت ترجمته ١ / ١١٧ ، وكتابه «التقريب» تقدم الكلام عنه في ١ / ٣٨٣.
(٣) لفظ الجلالة ليس في المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (فنقول).
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) ليست في المطبوعة.
(٧) في المطبوعة (تخليص).