ولا جعل قوله [تعالى] : (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) (غافر : ٤) معارضا لأمره نبيّه وأمّته بالجدال في قوله : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل : ١٢٥) فيحمل الأول على ذم الجدال الباطل.
ولا يجوز جعل قوله : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (الرحمن : ٢٧) معارضا لقوله : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) (الرحمن : ٢٦).
فصل
وقد جعلوا تعارض القراءتين في آية واحدة كتعارض الآيتين كقوله : (وَأَرْجُلَكُمْ) (١) (المائدة : ٦) بالنصب والجر ، وقالوا : يجمع بينهما بحمل إحداهما على مسح الخف ، والثانية على غسل الرجل إذ لم نجد متعلّقا سواهما.
وكذلك قراءة : (يَطْهُرْنَ) و (يَطْهُرْنَ) (٢) (البقرة : ٢٢٢) حملت الحنفية إحداهما على ما دون العشرة ، والثانية على العشرة.
واعلم أنه إذا لم يكن لها متعلق سواهما تصدّى لنا الإلغاء أو الجمع ، فأما إذا وجدنا متعلقا سواهما فالمتعلق هو المتّبع.
(فائدة) قال أبو بكر الصّيرفي (٣) في «[شرح] (٤) رسالة الشافعي» : جماع الاختلاف والتناقض (٥) [أن كلّ كلام صحّ أن يضاف بعض ما وقع الاسم عليه إلى وجه من الوجوه فليس فيه تناقض ، وإنما التناقض] (٥) في اللفظ ما ضادّه من كلّ جهة على حسب ما
__________________
(١) قال ابن الجزري في النشر في القراءات العشر ٢ / ٢٥٤ واختلفوا في : (وَأَرْجُلَكُمْ) فقرأ نافع وابن عامر والكسائي ويعقوب وحفص بنصب اللام ، وقرأ الباقون بالخفض.
(٢) قال ابن الجزري في النشر في القراءات العشر ٢ / ٢٢٧ (واختلفوا في (حَتَّى يَطْهُرْنَ) فقرأ حمزة والكسائي وخلف وأبو بكر بتشديد الطاء والهاء ، والباقون بتخفيفهما) ، والمقصود بالعشرة وما دونها أي من أيام الحيض.
(٣) هو محمد بن عبد الله أبو بكر الصيرفي الشافعي ، تقدم التعريف به في ١ / ٣٨٠ ، وكتابه «شرح رسالة الشافعي» ذكره ابن النديم في الفهرست ص ٢٦٧ في الفن الثالث من المقالة السادسة : أسماء من روى عن الشافعي وأخذ عنه.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.