وممن ذكر أن المحذوف كذلك الإمام بدر الدين بن مالك (١) في : «شرح الخلاصة» في الكلام على حذف النعت. وللزمخشري (٢) فيه كلام آخر.
وكقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) (الأعراف : ٢٨) مع قوله (٣) : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) (الإسراء : ١٦) والمعنى : أمّرناهم وملّكناهم وأردنا منهم الصلاح فأفسدوا ، والمراد بالأمر في الأولى أنه لا يأمر به شرعا ولكن قضاء ، لاستحالة أن يجري في ملكه ما لا يريد ، وفرق بين الأمر الكونيّ والدينيّ.
* الثالث : لاختلافهما في جهتي (٤) الفعل ؛ كقوله تعالى : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ) (الأنفال : ١٧) أضيف القتل إليهم على جهة الكسب والمباشرة ، ونفاه عنهم باعتبار التأثير ؛ ولهذا قال الجمهور : إنّ الأفعال مخلوقة لله تعالى مكتسبة للآدميين ، فنفي الفعل بإحدى الجهتين لا يعارضه إثباته بالجهة الأخرى.
وكذا قوله : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (الأنفال : ١٧) أي ما رميت خلقا إذا رميت كسبا. وقيل : إن الرمي يشتمل على القبض والإرسال ؛ وهما بكسب الرامي ،
__________________
(١) هو محمد بن محمد بن عبد الله بن مالك الشافعي النحوي كان إماما فهما ذكيا حادّ الخاطر ، إماما في النحو والمعاني والبيان والبديع والعروض ، والمنطق ، جيّد المشاركة في الفقه والأصول. أخذ عن والده. وقرأ عليه جماعة منهم بدر الدين بن زيد. فلما مات والده طلب إلى دمشق وولي وظيفة والده ، وله من التصانيف «شرح ألفية والده المعروفة «بالخلاصة» وغيرها توفي سنة (٦٨٦ ه). (الصفدي الوافي بالوفيات ١ / ٢٠٤) ، وشرحه للألفية قال عنه الصفدي : (وهو شرح فاضل منقى منقح وخطّأ والده في بعيض المواضع ولم تشرح الخلاصة بأحسن ولا أسدّ ولا أجزل على كثرة شروحها) ، طبع في هلسنكفرس عام ١٢٧٠ ه / ١٨٥١ م (معجم المطبوعات لسركيس ١ / ٢٣٤) وطبع في بيروت باسم «شرح ألفية ابن مالك» بالمطبعة الكاثوليكية ١٣١٢ ه / ١٨٩٤ م باعتناء محمد بن سليم اللبابيدي ، وفي دمشق بمطبعة الفيحاء ١٣٣٢ ه / ١٩١٣ م بتحقيق محمود ياسين ، وفي مصر ١٣٤١ ه / ١٩٢٢ م ، وفي النجف بالمطبعة العلوية ١٣٤٢ ه / ١٩٢٣ م ، وفي مصر بتحقيق عبد الحميد السيد محمد عبد الحميد ، وصوّرت هذه الطبعة دار الجيل في بيروت بالأوفست وقام بتحقيقه مؤخرا عبد الهادي الفضلي (أخبار التراث العربي ٣ / ١٦) وانظر قوله في كتابه ص ٥٠٠ في آخر «النعت».
(٢) انظر قول الزمخشري في «الكشاف» ١ / ٢٩٢ عند تفسير الآية من سورة النساء.
(٣) في المخطوطة (بقوله).
(٤) في المخطوطة (في جهة).