[و] (١) على التبليغ والإصابة ، وهما بفعل الله عزوجل. قال ابن جرير الطبري (٢) : «وهي الدليل [على] (٣) أنّ الله خالق لأفعال العباد ؛ فإنّ الله تعالى أضافه إلى نبيّه ثم نفاه عنه ، وذلك [فعل] (٣) واحد لأنه من الله تعالى التوصيل إليهم ، ومن نبيّه بالحذف والإرسال ، وإذا ثبت هذا لزم مثله في سائر أفعال العباد المكتسبة ، فمن الله تعالى الإنشاء والإيجاد ومن الخلق الاكتساب بالقوى».
ومثله قوله تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) (النساء : ٣٤) وقال [تعالى : (وَ] (٣) قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) (البقرة : ٢٣٨) فقيام الانتصاب لا ينافي (٤) القيام بالأمر ، لاختلاف جهتي الفعل.
* الرابع : لاختلافهما في الحقيقة والمجاز ، كقوله : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى) (الحج : ٢) (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) (إبراهيم : ١٧) وهو يرجع لقول المناطقة : الاختلاف بالإضافة ، أي وترى الناس سكارى بالإضافة إلى أهوال القيامة مجازا ، وما هم بسكارى بالإضافة إلى الخمر حقيقة.
ومثله في الاعتبارين قوله تعالى : (آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (البقرة : ٨) وقوله : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) (الأنفال : ٢١) وقوله تعالى : (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) (الأعراف : ١٩٨) فإنه لا يلزم من نفي النظر نفي الإبصار لجواز قولهم : «نظرت إليه فلم أبصره».
* الخامس : بوجهين واعتبارين ، وهو الجامع للمفترقات ، كقوله : (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (ق : ٢٢) وقال : (خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِ) [٨٤ / ب](يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) (الشورى : ٤٥) قال قطرب (٥) : (فَبَصَرُكَ) أي علمك ومعرفتك بها قوية ، من قولهم :
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) انظر قول الطبري في تفسيره ٩ / ١٣٥ عند تفسير الآية من سورة الأنفال ، وقد تصرف الزركشي في عبارته.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (فقيام الانتصاب غير القيام بالأمر).
(٥) هو محمد بن المستنير تقدم التعريف به في ٢ / ١٧٦.