المجاملة في الكلام ، والإمهال لهم ؛ ليقع التدبّر والتذاكر (١) ، كما جاء : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (سبأ : ٢٤) ، ومعلوم أنّا على هدى ، وهم على ضلال.
الوجه الثاني ما نقص عن اللّفظ
ويأتي فيه أيضا الأقسام السابقة :
* الأول الألف : كلّ ألف تكون في كلمة لمعنى له تفصيل في الوجود له اعتباران : اعتبار من جهة ملكوتية ، أو صفات حالية ، أو أمور علوية مما لا يدركه الحسّ فإن الألف تحذف في الخط علامة لذلك ، واعتبار من جهة ملكية حقيقية في العلم (٢) ، أو أمور سفلية ؛ فإن الألف تثبت.
واعتبر ذلك في لفظتي «القرآن» و «الكتاب» فإن القرآن هو تفصيل الآيات التي أحكمت في الكتاب ، فالقرآن أدنى إلينا في الفهم من الكتاب وأظهر في التنزيل ؛ قال الله تعالى في هود : (الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (الآية : ١) وقال في فصلت : (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (الآية : ٣) وقال : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (القيامة : ١٧). ولذلك ثبت في الخط ألف «القرآن» وحذفت ألف «الكتاب».
وقد حذفت ألف «القرآن» في حرفين ؛ هو فيهما مرادف للكتاب في الاعتبار ؛ قال تعالى في سورة [٥٨ / ب] يوسف : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) (الآية : ٢) ، وفي الزخرف : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) (الآية : ٣) ، والضمير في الموضعين ضمير الكتاب المذكور قبله (٣). وقال بعد ذلك في كل واحدة منهما : (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ، فقرينته هي من جهة المعقولية. وقال في الزخرف : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الآية : ٤).
وكذلك كل ما في القرآن من «الكتاب» و «كتاب» فبغير ألف (٤) ؛ إلا في أربعة مواضع (٥) وهي مقيدة (٦) بأوصاف خصّصته من الكتاب الكلي : في الرعد : (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) (الآية :
__________________
(١) في المطبوعة (والتذكار).
(٢) في المخطوطة (في العمل).
(٣) أي في سورة يوسف الآية الأولى (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) ، وفي الزخرف الآية الثانية (وَالْكِتابِ الْمُبِينِ).
(٤) عبارة المخطوطة : (من «الكتاب» كتب بغير ألف).
(٥) في المخطوطة (أحرف) ، وانظر المقنع ص ٢٠ فصل ما حذفت منه الألف اختصارا.
(٦) تصحفت في المطبوعة إلى (الرعد) والتصويب من المخطوطة.