علم به كون جميع القرآن معجزا موجود في كل سورة ؛ قصرت أو طالت ، فيجب [٩٣ / أ] أن يكون الحكم في الكلّ واحدا. والأخرى تتضمن تقدير معرفة إعجاز القرآن بالطريق التي (١) سلكناها».
فصل (٢)
اعلم أنه سبحانه تحدّاهم أولا في الإتيان بمثله ، فقال : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء : ٨٨) ثم تحدّاهم بعشر سور منه وقطع عذرهم بقوله : (قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ) (هود : ١٣) وإنما قال : (مُفْتَرَياتٍ) من أجل أنهم قالوا : لا علم (٣) لنا بما فيه من الأخبار الخالية ، والقصص البالغة ، فقيل لهم : (مُفْتَرَياتٍ) إزاحة لعللهم ، وقطعا لأعذارهم ، فعجزوا ، فردّهم من العشر إلى سورة واحدة (٤) من مثله ، مبالغة في التعجيز لهم ، فقال (٥) : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (البقرة : ٢٣) أي يشهدون لكم أنها في نظمه وبلاغته وجزالته ، فعجزوا.
فقال تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) (البقرة : ٢٤) مبالغة في التعجيز وإفحاما لهم (فَاتَّقُوا النَّارَ) (البقرة : ٢٤) وهذه مبالغة في الوعيد ، مع أن اللغة لغتهم ، والكلام كلامهم ، وناهيك بذلك أن الوليد بن المغيرة (٦) لعنه الله كان سيّد قريش ، وأحد فصحائهم لما سمعه أخرس لسانه ، وبلد جنانه ، وأطفئ بيانه ، وقطعت (٧) حجّته ، وقصم ظهره ، وظهر (٨) عجزه ، وذهل (٩) عقله ، حتى قال (١٠) : «قد عرفنا الشعر كلّه هزجه ورجزه وقريضه ،
__________________
(١) في المخطوطة (الذي).
(٢) في المخطوطة (مسألة).
(٣) في المخطوطة (نعلم).
(٤) تصحفت في المخطوطة إلى (لما سورة) بدل (إلى سورة واحدة).
(٥) في المخطوطة (قال تعالى).
(٦) تقدم الكلام عنه في ٢ / ٢٣٤.
(٧) في المخطوطة (وقطع).
(٨) في المخطوطة (وأظهر).
(٩) في المخطوطة (وأذهل).
(١٠) انظر السيرة النبوية لابن هشام ١ / ٢٧٠ ، باب تحير الوليد بن المغيرة فيما يصف به القرآن.