الشعر كلام موزون مقفى دالّ على معنى ، ويكون أكثر من بيت ، لأنه يجوز اتفاق شطر واحد بوزن يشبه وزن الشعر] من غير قصد.
والثاني : أنه صلىاللهعليهوسلم كان إذا أنشد شيئا من ذلك غيّره.
فصل في تنزيه الله القرآن عن أن يكون شعرا
مع أن الموزون في الكلام رتبته فوق رتبة المنظوم غير الموزون ؛ فإن كل موزون منظوم ولا (١) عكس ، وقال تعالى : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) (يس : ٦٩) فأعلم سبحانه [وتعالى] (٢) أنه نزّه القرآن عن نظم الشعر والوزن ؛ لأن القرآن (٣) مجمع الحق ، ومنبع الصدق (٣) ، وقصارى أمر الشاعر التحصيل بتصوير الباطل في صورة الحق ، والإفراط (٤) في الإطراء ، والمبالغة في الذم والإيذاء دون إظهار الحق ، وإثبات الصدق منه كان بالعرض ، ولهذا قال تعالى : (وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ) (الحاقة : ٤١) أي كاذب ، ولم يعن (٥) أنه ليس بشعر ؛ فإنّ وزن الشعر أظهر من أن يشتبه عليهم حتى يحتاج إلى أن ينفى عنه ، ولأجل شهرة الشعر بالكذب سمّى المنطقيون القياسات المؤدية في أكثر الأمر إلى البطلان والكذب شعرية.
فإن قيل (٦) : فقد وجد في القرآن وما وافق شعرا موزونا ، إما بيت تام ، أو أبيات ، أو مصراع ، كقول القائل :
وقلت لما حاولوا سلوتي |
|
(هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) (٧) |
وقوله : (وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ) (سبأ : ١٣) قالوا : هذا من الرمل.
وكقوله : (مَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ) (فاطر : ١٨) قالوا : هو من الخفيف.
__________________
(١) في المخطوطة (من غير).
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) في المخطوطة تقديم وتأخير كما يلي (منبع الحق ومجمع الصدق).
(٤) تصحفت في المطبوعة إلى (والإفرط).
(٥) في المخطوطة (ولم يعبأ به).
(٦) انظر إعجاز القرآن للباقلاني ص ٥١ ـ ٥٢ ، فصل في نفي الشعر من القرآن.
(٧) سورة المؤمنون : ٣٦.