وكذا ما يقاربه في قلة الأجزاء ، وعلى هذا يسقط (١) السؤال. ثم نقول : إن الشعر إنما ينطلق متى قصد إليه على الطريق التي تعمد وتسلك (٢) ، ولا يصح أن يتّفق مثله إلا من الشعراء (٣) دون ما يستوي فيه العاميّ والجاهل ، وما يتفق من كل واحد ، فليس بشعر ؛ فلا يسمى صاحبه شاعرا ، وإلا لكان (٤) الناس كلهم شعراء ؛ لأن كلّ متكلم لا ينفك أن يعرض في جملة كلامه ما يتّزن بوزن الشعر.
وقيل : أقل ما يكون من الرجز شعرا أربعة أبيات ، وليس ذلك في القرآن بحال. قال القاضي (٥) : «وهذه الطريق التي سلكوها في الجواب معتمدة ، أو أكثرها. ولو كان ذلك شعرا لكانت النفوس تتشوق إلى معارضته ، لأن طريق الشعر غير مستصعب على أهل الزّمان.
(فصل)
مما يبعث على معرفة الإعجاز اختلافات المقامات وذكر في كلّ موضع ما يلائمه (٦) ، ووضع الألفاظ في كل موضع ما يليق به ، وإن كانت مترادفة ، حتى لو أبدل واحد (٧) منها بالآخر (٨) ذهبت تلك الطلاوة (٩) ، وفاتت تلك الحلاوة.
فمن ذلك أن لفظ «الأرض» لم ترد في التنزيل إلا مفردة ، وإذا ذكرت والسماء مجموعة (١٠) لم يؤت بها معها إلا مفردة ، ولما أريد الإتيان بها مجموعة قال : (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) (الطلاق : ١٢) ، تفاديا من جمعها.
ولفظ «البقعة» لم تستعمل فيه إلا مفردة ، كقوله (١١) تعالى : (فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ) (القصص : ٣٠) فإن جمعت حسّن ذلك ورودها مضافة ، كقولهم : «بقاع الأرض».
وكذلك لفظ «اللب» أراد (١٢) به العقل [لم يرد إلا مجموعا] (١٣) كقوله تعالى :
__________________
(١) في المطبوعة (نسقط).
(٢) في المخطوطة (يتعهد ويسلك).
(٣) في المخطوطة (الشعر).
(٤) في المخطوطة (والإنكار).
(٥) انظر إعجاز القرآن ص ٥٥ ـ ٥٦.
(٦) في المخطوطة (يلازمه).
(٧) في المخطوطة (واحدا).
(٨) في المخطوطة (بالأخرى).
(٩) في المخطوطة (الطراوة).
(١٠) في المخطوطة (مجموعا).
(١١) في المخطوطة (لقوله).
(١٢) في المطبوعة (مرادا).
(١٣) العبارة ساقطة من المطبوعة.