النوع التاسع والثلاثون
معرفة وجوب تواتره
لا خلاف أن كلّ ما هو من القرآن يجب أن يكون متواترا في أصله وأجزائه ، وأمّا في محله (١) ووضعه وترتيبه ، فعند المحققين من علماء أهل السنة كذلك ، أي يجب أن يكون متواترا ، فإن العلم اليقينيّ حاصل أن العادة قاضية بأن مثل هذا الكتاب العزيز ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وأنه الهادي للخلق إلى الحق المعجز الباقي على صفحات الدهر ، الذي هو أصل الدين القويم ، والصراط المستقيم ، فمستحيل (٢) ألا يكون [٩٥ / ب] متواترا في ذلك كله.
إذ الدواعي تتوافر على نقله على وجه التواتر ، وكيف لا وقد قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (الحجر : ٩) والحفظ إنما يتحقق بالتواتر ، وقال تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) (المائدة : ٦٧) ، والبلاغ العام إنما هو بالتواتر [فما] (٣) لم (٤) يتواتر ، مما (٥) نقل آحادا نقطع بأنه ليس من القرآن.
وذهب كثير من الأصوليين إلى أنّ التواتر شرط في ثبوت ما هو من القرآن بحسب أصله ، وليس بشرط في محله ووضعه وترتيبه ، بل يكثر فيها نقل الآحاد ، وهو الذي يقتضيه صنع (٦) الشافعي في إثبات البسملة من (٧) كل سورة.
__________________
(١) في المخطوطة (حكمه).
(٢) في المخطوطة (ويستحيل).
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (فلم).
(٥) في المخطوطة (فما).
(٦) في المخطوطة (صنيع).
(٧) في المخطوطة (في).