(فصل)
والمعوذتان من القرآن واستفاضتهما كاستفاضة جميع القرآن ، وأما ما روي عن ابن مسعود (١). قال القاضي أبو بكر (٢) : «فلم يصح عنه أنهما ليسا بقرآن ، ولا حفظ عنه أنه حكّهما (٣) وأسقطهما (٤) من مصحفه لعلل وتأويلات».
قال القاضي : «ولا يجوز أن يضاف إلى عبد الله أو إلى أبيّ بن كعب ، أو زيد أو عثمان أو عليّ ، أو واحد من ولده أو عترته جحد آية أو حرف من كتاب الله وتغييره أو قراءته على خلاف الوجه المرسوم في مصحف الجماعة بأخبار الآحاد ، وأن ذلك لا يحلّ ، ولا يسمع ، بل لا تصلح إضافته إلى أدنى المؤمنين في عصرنا ، فضلا عن إضافته إلى رجل من الصحابة ، وإن كلام القنوت المروي عن أبيّ بن كعب أثبته في مصحفه لم تقم حجة (٥) بأنه قرآن منزل ؛ بل هو ضرب من الدعاء ، وأنه لو كان قرآنا لنقل نقل القرآن ، وحصل العلم [٩٦ / أ] بصحته ، وأنه يمكن أن يكون منه كلام كان قرآنا منزلا ثم نسخ وأبيح الدعاء به ، وخلط بكلام ليس بقرآن ، (٦) [ولم يصح ذلك عنه ، وإنما روي عنه أنه أثبته في مصحفه ، وقد ثبت في مصحفه ما ليس بقرآن] (٦) ؛ من دعاء وتأويل.
وقال النووي في «شرح المهذب (٧)» : «أجمع المسلمون على أن المعوّذتين والفاتحة
__________________
(١) أخرج أحمد ، والبزار ، والطبراني ، وابن مردويه من طرق صحيحة عن ابن عباس وابن مسعود «أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول لا تخلطوا القرآن بما ليس منه إنهما ليستا من كتاب الله إنما أمر النبي صلىاللهعليهوسلم أن يتعوذ بهما ، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما». قال البزار : «ولم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة وقد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قرأ بهما في الصلاة وأثبتتا في المصحف» (الدرّ المنثور ٦ / ٤١٦).
(٢) نقل قوله السيوطي في الإتقان ١ / ٢٢٠ ـ ٢٢١ في النوع الثاني والعشرين.
(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (حكمها).
(٤) اضطربت في المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (الحجة).
(٦) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٧) انظر المجموع شرح المهذب للنووي ٣ / ٣٩٦ ، كتاب الصلاة ، فصل في مسائل مهمة تتعلق بقراءة الفاتحة وغيرها ، المسألة العاشرة والأخيرة.