النوع الأربعون
في بيان معاضدة السّنة للقرآن
اعلم أنّ القرآن والحديث أبدا متعاضدان على استيفاء الحق وإخراجه من مدارج الحكمة ؛ حتى إن كلّ واحد منهما يخصّص عموم الآخر ، ويبين إجماله.
ثم منه ما هو ظاهر ، ومعه ما يغمض ، وقد اعتنى بإفراد ذلك بالتصنيف : الإمام أبو الحكم ابن برّجان في كتابه المسمى ب «الإرشاد (١)» وقال : ما قال النبي صلىاللهعليهوسلم من شيء فهو في القرآن ، أو فيه أصله ، قرب أو بعد ، فهمه من فهمه ، وعمه عنه [من عمه] (٢) ، قال الله تعالى : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) (الأنعام : ٣٨).
ألا تسمع إلى قوله صلىاللهعليهوسلم في حديث الرجم : «لأقضينّ بينكما بكتاب الله [تعالى]» (٣) ، وليس في نصّ كتاب الله الرجم. وقد أقسم النبي صلىاللهعليهوسلم أن يحكم بينهما بكتاب الله ، ولكن الرّجم فيه تعريض مجمل في قوله [تعالى] : (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ) (النور : ٨). وأما تعيين الرجم من عموم ذكر العذاب ، وتفسير هذا المجمل ، فهو مبيّن بحكم الرسول وأمره [به] (٤) ؛ وموجود في عموم قوله : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر : ٧) وقوله : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (النساء : ٨٠).
__________________
(١) ابن برّجان هو عبد السلام بن عبد الرحمن بن عبد السلام تقدم التعريف به وبكتابه «الإرشاد في التفسير» في ١ / ١١١.
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) الحديث متفق عليه من رواية أبي هريرة رضياللهعنه ، أخرجه البخاري في الصحيح ١١ / ٥٢٣ كتاب الأيمان والنذور (٨٣) ، باب كيف كانت يمين النبي صلىاللهعليهوسلم ... (٣) ، الحديث (٦٦٣٣) ، وأخرجه مسلم في الصحيح ٣ / ١٣٢٤ ـ ١٣٢٥ كتاب الحدود (٢٩) ، باب من اعترف ... (٥) الحديث (٢٥ / ١٦٩٧ ـ ١٦٩٨).
(٤) ليست في المخطوطة.