وقوله صلىاللهعليهوسلم «[تسحّروا] (١) فإنّ في السحور بركة» (٢) من آثار قوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ) (البقرة : ١٨٧) ومن بركة حضوره الذي هو وقت (٣) نزوله جلّ وعلا إلى سماء الدنيا كلّ ليلة ؛ فكأنّه صلىاللهعليهوسلم يبتغي البركة في موضع خطاب ربه ، وفي موضع حضوره أو ذكره ، أو اسم من أسمائه ، ومن هنا وقع التعبد باسم المبارك ، واسم القدوس.
وقوله صلىاللهعليهوسلم : «إذا أقبل الليل من هاهنا ، وأدبر النهار من هاهنا فقد أفطر الصائم» (٤) في قوله تعالى : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) (البقرة : ١٨٧) وقوله : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) (البقرة : ١٨٧) والبركة في اتباع مجاري خطابه ، وإن كان الخطاب حكمه حكم إباحة ؛ كما أن البركة في اتباع السنّة والاقتداء ؛ ولهذا كان أكثر الصحابة لا يصلّون المغرب إلا على فطر ، وكانوا يؤخّرون السحور إلى [بزوغ] (٥) الفجر ابتغاء البركة في ذلك ، والخبر الموعود به.
وقوله صلىاللهعليهوسلم : «إنّي أبيت عند ربي يطعمني ويسقين» (٦) في معنى قوله حكاية عن خليله : (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ) (الشعراء : ٧٩) والمعنى بما يفتح الله لخاصّته من خلقه الذين لا يطعمون ، إنما غذاؤهم التسبيح والتهليل والتحميد.
وقوله صلىاللهعليهوسلم في حديث الصعب بن جثّامة (٧) : «إنا لم نردّه عليك إلاّ أنّا حرم» في مفهوم
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) الحديث متفق عليه من رواية أنس بن مالك رضياللهعنه ، أخرجه البخاري في الصحيح ٤ / ١٣٩ كتاب الصوم (٣٠) باب بركة السحور من غير إيجاب (٢٠) ، الحديث (١٩٢٣) ، وأخرجه مسلم في الصحيح ٢ / ٧٧٠ كتاب الصيام (١٣) ، باب فضل السحور ... (٩) ، الحديث (٤٥ / ١٠٩٥).
(٣) عبارة المخطوطة والمطبوعة (ومن بركته حضوره الذي هو وصف).
(٤) الحديث متفق عليه من رواية عمر بن الخطاب رضياللهعنه ، أخرجه البخاري في الصحيح ٤ / ١٩٦ كتاب الصوم (٣٠) ، باب متى يحل فطر الصائم (٤٣) ، الحديث (١٩٥٤) ، وأخرجه مسلم في الصحيح ٢ / ٧٧٢ كتاب الصيام (١٣) ، باب بيان وقت انقضاء الصوم ... (١٠) ، الحديث (٥١ / ١١٠٠).
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) الحديث متفق عليه من رواية أبي هريرة رضياللهعنه ، أخرجه البخاري في الصحيح ٤ / ٢٠٥ كتاب الصوم (٣٠) ، باب التنكيل لمن أكثر الوصال (٤٩) ، الحديث (١٩٦٥) ، وأخرجه مسلم في الصحيح ٢ / ٧٧٤ كتاب الصيام (١٣) ، باب النهي عن الوصال في الصوم (١١) ، الحديث (٥٧ / ١١٠٣) ، وبدايته «نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الوصال في الصوم ...».
(٧) الصّعب بن جثّامة صحابي جليل ذكره ابن حجر في تقريب التهذيب ص ٢٧٦ الترجمة : ٢٩٢٥ فقال