تكشف عاقبته ، ويقال : آل الأمر إلى كذا ، أي صار إليه ، وقال تعالى : (ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (الكهف : ٨٢).
وأصله من المآل ، وهو العاقبة والمصير ، وقد أوّلته فآل ، أي صرفته فانصرف ، فكأن التأويل صرف الآية إلى ما تحتمله من المعاني.
وإنما بنوه على التفعيل لما تقدم ذكره في التفسير.
وقيل : أصله من الإيالة ، وهي السياسة ، فكأن المؤوّل للكلام يسوّي الكلام ، ويضع المعنى فيه موضعه.
ثم قيل : التفسير والتأويل واحد بحسب عرف الاستعمال ، والصحيح تغايرهما.
واختلفوا (١) ، فقيل : التفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل ، وردّ أحد الاحتمالين إلى ما يطابق الظاهر.
قال الراغب (٢) : «التفسير أعمّ من التأول ، وأكثر استعماله في الألفاظ ، وأكثر استعمال التأويل في المعاني كتأويل الرؤيا ، وأكثره يستعمل في الكتب الإلهية ، والتفسير يستعمل في غيرها. والتفسير أكثر ما يستعمل في معاني مفردات الألفاظ.
واعلم أن التفسير في عرف العلماء كشف معاني القرآن ، وبيان المراد ، أعمّ من أن يكون بحسب اللفظ المشكل وغيره ، وبحسب المعنى الظاهر وغيره ، والتفسير أكثره في الجمل.
والتفسير إما أن يستعمل في غريب الألفاظ ، كالبحيرة والسّائبة والوصيلة ، أو في وجيز مبيّن بشرح ، كقوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (البقرة : ٤٣) وإما في كلام مضمّن لقصة لا يمكن تصويره إلا بمعرفتها ، كقوله : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) (التوبة : ٣٧) وقوله : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها) (البقرة : ١٨٩) وأما التأويل فإنه يستعمل مرة عاما ومرة خاصّا ، نحو «الكفر» يستعمل تارة في الجحود المطلق ، وتارة في جحود البارئ خاصة ، و «الإيمان» المستعمل في التصديق المطلق تارة ، وفي تصديق [١٠٠ / أ] الحق تارة. وإما في لفظ مشترك بين معان مختلفة».
__________________
(١) في المخطوطة (واختلف).
(٢) انظر الإتقان ٤ / ١٤٩.