بتقواه في السرّ والعلانية ، وأجلّه عند مواقف الشبهات. واللطائف والحقائق لا يفهمها إلا من ألقى السمع وهو شهيد ، فالعبارات للعموم وهي للسمع ، والإشارات للخصوص وهي للعقل ، واللطائف للأولياء وهي المشاهدة (١) ، والحقائق للأنبياء ، وهي الاستسلام (٢).
ولكلّ (٣) وصف ظاهر وباطن ، وحدّ ومطلع ، فالظاهر التلاوة ، والباطن الفهم ، والحدّ إحكام الحلال والحرام ، والمطلع ـ أي الإشراق ـ من الوعد والوعيد ؛ فمن فهم هذه الملاحظة بان له بسط الموازنة ، وظهر له حال المعاينة. وفي «صحيح ابن حبّان» عن ابن مسعود قال ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منه ظهر وبطن (٤)».
ثم فوائده على قدر ما يؤهّل له سمعه ، فمن سمعه من التالي ففائدته فيه علم أحكامه ، ومن سمعه كأنما يسمعه من النبي صلىاللهعليهوسلم يقرؤه على أمته بموعظته وتبيان معجزته ، وانشراح صدره بلطائف خطابه ، ومن سمعه كأنما سمعه من جبريل عليهالسلام ، يقرؤه على النبي صلىاللهعليهوسلم ، يشاهد في ذلك مطالعات الغيوب ، والنطق إلى ما فيه من الوعود ، ومن سمع الخطاب فيه من الحق فني (٥) عنده وامّحت (٦) صفاته ، وصار موصوفا بصفات التحقيق عن مشاهدة علم اليقين ، وعين اليقين ، وحق اليقين. وقد قال أبو الدرداء رضياللهعنه : «لا يفقه الرجل حتى يجعل (٧) للقرآن وجوها» (٨). وقال ابن مسعود : «من أراد علم الأولين [١٠١ / أ] والآخرين فليثوّر القرآن». (٩)
قال ابن سبع (١٠) في «شفاء الصدور» : هذا الذي قاله أبو الدرداء وابن مسعود لا يحصل بمجرد تفسير الظاهر ، وقد قال بعض العلماء : لكلّ آية ستون ألف فهم ، وما بقي من فهمها (١١) [أكثر. وقال آخر : القرآن] (١١) يحوي سبعة وسبعين ألف علم (١٢) ومائتي علم ؛ إذ لكل كلمة علم ، ثم يتضاعف ذلك أربعة ، إذ لكل كلمة ظاهر وباطن ، وحدّ ومطلع.
__________________
(١) في المطبوعة (المشاهد).
(٢) في المخطوطة (استسلام).
(٣) تصحفت في المطبوعة إلى (وللكل).
(٤) تقدم تخريجه في ٢ / ١٤٨.
(٥) تصحفت في المخطوطة إلى (فهي).
(٦) في المخطوطة (وانمحت).
(٧) في المخطوطة (يحصل).
(٨) تقدم الحديث في ٢ / ٨٧.
(٩) تقدم الحديث في ٢ / ٨٧.
(١٠) هو أبو الربيع سليمان بن سبع السبتي ، تقدم في ٢ / ٨٧.
(١١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(١٢) في المخطوطة (فهم).