(١) فحقيقة هذا تستمدّ من بحر عظيم من علوم المكاشفات (١) ، فلا بد أن يعلم وجه ارتباط الأفعال بالقدرة ، وتفهم وجه ارتباط القدرة بقدرة الله تعالى حتى تتكشف وتتضح (٢) ، فمن هذا الوجه تفاوت الخلق في الفهم بعد الاشتراك (٣) في معرفة ظاهر التفسير.
فصل
للناظر في القرآن لطلب (٤) التفسير مآخذ كثيرة أمهاتها أربعة :
* (الأول) : النقل عن النبي صلىاللهعليهوسلم وهذا هو الطراز الأول ، لكن يجب الحذر من الضعيف فيه والموضوع ؛ فإنه كثير.
وإن سواد الأوراق سواد في القلب. قال الميموني (٥) سمعت أحمد بن حنبل يقول : «ثلاث كتب ليس لها أصول : المغازي والملاحم والتفسير» قال المحققون من أصحابه : «ومراده أنّ الغالب أنها ليس [لها] (٦) أسانيد صحاح متصلة ، وإلاّ فقد صحّ من ذلك كثير.
فمن ذلك تفسير الظلم بالشرك (٧) في قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) (الأنعام : ٨٢) وتفسير «الحساب اليسير» بالعرض (٨) ، رواهما البخاري. وتفسير
__________________
(١) العبارة في المخطوطة (تشتمل على بحر عظيم من علوم الكتاب).
(٢) في المخطوطة (يكشف ويتضح).
(٣) في المخطوطة (الاستزادة).
(٤) في المخطوطة (لطالب).
(٥) هو عبد الملك بن عبد الحميد بن عبد الحميد ابن شيخ الجزيرة ميمون بن مهران الميموني الرّقّي ، تلميذ الإمام أحمد بن حنبل. سمع إسحاق بن يوسف الأزرق ، وعنه النسائي في «سننه» ووثّقه ، وابن المنذر ، وأبو بكر النيسابوري ، وكان عالم الرقّة ومفتيها في زمانه ت ٢٧٤ ه (سير أعلام النبلاء ١٣ / ٨٩).
(٦) ساقطة من المخطوطة.
(٧) ورد في ذلك حديث أخرجه البخاري في الصحيح ١ / ٨٧ ، كتاب الإيمان (٢) ، باب : ظلم دون ظلم (٢٣) ، الحديث (٣٢). عن عبد الله بن مسعود قال : «لما نزلت : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) قال أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أيّنا لم يظلم؟ فأنزل الله : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
(٨) وفيه حديث أخرجه البخاري في الصحيح ٨ / ٦٩٧ كتاب التفسير (٦٥) ، سورة الانشقاق (٨٤) ، باب : (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) (١) ، الحديث (٤٩٣٩) ، عن عائشة رضياللهعنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس أحد يحاسب إلا هلك ، قالت : قلت يا رسول الله! جعلني الله فداءك أليس يقول الله عزوجل : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً)؟ قال : ذاك العرض يعرضون ومن نوقش الحساب هلك».