وهو صرف اللفظ إلى ما يؤول [إليه] (١) فالمفسّر ناقل ، والمؤوّل مستنبط ، وذلك استنباط الأحكام ، وبيان المجمل ، وتخصيص العموم. وكل لفظ احتمل معنيين فصاعدا فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه ، وعلى العلماء اعتماد الشواهد والدلائل ، وليس لهم أن يعتمدوا مجرد رأيهم فيه ، على ما تقدم بيانه. وكل لفظ احتمل معنيين ، فهو قسمان :
(أحدهما) : [أن يكون] (٢) أحدهما أظهر من الآخر ، فيجب الحمل على الظاهر إلا أن يقوم دليل على أن المراد هو الخفيّ دون الجليّ فيحمل عليه. (الثاني) : أن يكونا جليّين والاستعمال فيهما حقيقة. وهذا على ضربين :
(أحدهما) : أن تختلف أصل الحقيقة فيهما ، فيدور اللفظ بين معنيين ؛ هو في أحدهما حقيقة لغوية ، [وهو] (٣) في الآخر حقيقة شرعية ، فالشرعية أولى إلا أن تدلّ قرينته على إرادة اللغوية ، نحو قوله تعالى : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) (التوبة : ١٠٣) وكذلك إذا دار بين اللغوية والعرفية ، فالعرفية أولى لجريانها (٤) على اللغة ، ولو دار بين الشرعية والعرفية ، فالشرعية أولى لأن الشرع ألزم. (الضرب الثاني) : لا تختلف أصل الحقيقة ، بل كلا المعنيين استعمل فيهما ، في اللغة أو في الشرع أو العرف على حدّ سواء. وهذا أيضا على ضربين :
(أحدهما) أن يتنافيا اجتماعا ، ولا يمكن إرادتهما باللفظ الواحد ، كالقرء ؛ حقيقة في الحيض والطهر ، فعلى المجتهد أن يجتهد في المراد منهما بالأمارات الدالة عليه ؛ فإذا وصل إليه كان هو مراد الله في حقه ، وإن اجتهد مجتهد آخر فأدّى اجتهاده إلى المعنى الآخر كان ذلك مراد الله تعالى في حقه ؛ لأنه نتيجة اجتهاده ، وما كلف به ، فإن لم يترجح أحد الأمرين لتكافؤ الأمارات فقد اختلف أهل العلم ، فمنهم من قال : يخيّر في الحمل على أيّهما شاء ، ومنهم [١٠٣ / ب] من قال : يأخذ بأعظمهما (٥) حكما. ولا يبعد اطراد وجه ثالث ، [وهو] (٦) أن يأخذ بالأخفّ. كاختلاف جواب المفتين.
([الضرب] (٦) الثاني) ألاّ يتنافيا اجتماعا ، فيجب الحمل عليهما عند المحقّقين ،
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) ساقطة من المطبوعة.
(٤) في المطبوعة : (لطريانها).
(٥) في المخطوطة : (بأغلظها).
(٦) ساقطة من المخطوطة.