يريد أن يدرك معانيه ؛ وهو كتحصيل اللبن من أوائل المعادن في بناء ما يريد أن يبنيه (١).
قالوا : وليس ذلك في علم القرآن فقط ؛ بل هو نافع في كلّ علم من علوم الشرع وغيره ؛ وهو كما قالوا : إنّ المركب لا يعلم إلا بعد العلم بمفرداته ، لأن الجزء سابق على الكل في الوجود من الذهنيّ والخارجيّ ، فنقول : النظر في التفسير هو بحسب [أفراد] (٢) الألفاظ وتراكيبها.
أمّا بحسب الأفراد فمن وجوه ثلاثة : من جهة المعاني التي وضعت الألفاظ المفردة بإزائها ، وهو يتعلّق بعلم اللغة (٣). ومن جهة الهيئات والصيغ الواردة على المفردات الدّالة على المعاني المختلفة ، وهو من علم التصريف.
ومن جهة ردّ الفروع المأخوذة من الأصول إليها ، وهو من [علم] (٢) الاشتقاق.
وأما بحسب التركيب فمن وجوه أربعة : (الأول) : باعتبار كيفية التراكيب بحسب الإعراب ومقابله من حيث إنها مؤدّية أصل المعنى ، وهو ما دلّ عليه المركب بحسب الوضع وذلك متعلّق بعلم النحو. (الثاني) : باعتبار كيفية التركيب من جهة إفادته معنى المعنى ؛ أعني لازم أصل المعنى الذي يختلف باختلاف مقتضى الحال في تراكيب البلغاء ، وهو الذي يتكفل بإبراز محاسنه علم المعاني. (الثالث) : باعتبار [طرق] (٤) تأدية المقصود بحسب وضوح الدلالة وحقائقها ومراتبها ، وباعتبار الحقيقة والمجاز (٥) ، والاستعارة والكناية والتشبيه ؛ وهو ما يتعلق بعلم البيان. (والرابع) : باعتبار الفصاحة اللفظية والمعنوية والاستحسان ومقابله ، وهو يتعلق بعلم البديع.
فصل (٦)
وقد سبق لنا في باب الإعجاز أنّ إعجاز القرآن لاشتماله على تفرد (٧) الألفاظ التي يتركب منها الكلام ، مع ما تضمنه من المعاني ، مع ملاءمته (٨) التي هي نظوم تأليفه (٩).
__________________
(١) من كلام الراغب الأصفهاني في مقدمة كتابه «المفردات».
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) في المخطوطة (العربية).
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (ومجازها).
(٦) في المطبوعة (مسألة).
(٧) في المخطوطة (معرفة).
(٨) في المخطوطة (بلاغته).
(٩) في المخطوطة (تأليف).