أحمد بن يحيى بن سعيد الدّاودي في الكتاب «المرشد» له في أصول الفقه على مذهب داود [الظاهريّ : و] (١) روى بعض أصحابنا عن أبي سليمان (٢) أنه كان يقول : «ليس في القرآن صلة بوجه». وذكر أبو [بكر] (٣) محمد بن داود وغيره من أصحابنا مثل ذلك ، والذي عليه أكثر النحويين خلاف هذا ، ثم حكى عن أبي داود مثله ، يزعم الصّلة فيها ، كقوله تعالى : (مَثَلاً ما بَعُوضَةً) (البقرة : ٢٦) وقال : إنّ «ما» هاهنا للتعليل ، مثل : «أحبب حبيبك هونا ما» (٤).
فصل
التأويل ينقسم إلى منقاد ومستكره :
* (فالأول) ما لا تعرض فيه بشاعة أو استقباح ، وقد يقع فيه الخلاف بين الأئمة : إما لاشتراك في اللفظ ، نحو (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) (الأنعام : ١٠٣) هل هو من بصر العين أو القلب؟ وإمّا لأمر راجع إلى النظم (٥) [كقوله تعالى : (إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا) (النور : ٥) هل هذا الاستثناء مقصور على المعطوف وحده أو عائد إلى الجميع؟ وإمّا لغموض المعنى ووجازة النظم] (٥) كقوله تعالى : (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة : ٢٢٧). وإمّا لغير ذلك.
* (وأمّا المستكره) فما يستبشع إذا عرض على الحجة ، وذلك على أربعة أوجه :
(الأول) : أن يكون لفظا عامّا ، فيختصّ ببعض ما يدخل تحته ، كقوله [تعالى] (٦) : (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) (التحريم : ٤) فحمله بعضهم على عليّ رضياللهعنه فقط. (والثاني) : أن يلفّق (٧) بين اثنين ؛ كقول من زعم تكليف الحيوانات في قوله [١٠٥ / ب] : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ) (فاطر : ٢٤) مع قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) (الأنعام : ٣٨) إنهم مكلّفون كما نحن. (الثالث) : ما
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) يعني به داود الظاهري وكنيته أبو سليمان.
(٣) ساقطة من المطبوعة ، وهو محمد بن داود ، أبو بكر الظاهري ابن صاحب المذهب تقدم ذكره في ١ / ٤٨٥.
(٤) قطعة من حديث أبي هريرة رضياللهعنه أخرجه الترمذي في السنن ٤ / ٣٦٠ ، كتاب البر والصلة (٢٨) ، باب ما جاء في الاقتصاد في الحب والبغض (٦٠) ، الحديث (١٩٩٧) ، وانظر كتاب فيض القدير ١ / ١٧٦ ، الحديث (٢٢٣).
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٦) ليست في المطبوعة.
(٧) في المخطوطة (يتفق).