ذنب ، أو في قلبه كبر أو هوى ، أو حبّ الدنيا ، أو يكون غير متحقق الإيمان (١) ، أو ضعيف التحقيق ، أو معتمدا على قول مفسّر ليس عنده إلا علم بظاهر ، أو يكون راجعا إلى معقوله (٢) ؛ وهذه كلّها حجب وموانع ، وبعضها آكد من بعض ؛ [بل] (٣) إذا كان العبد مصغيا إلى كلام ربّه ، ملقى السمع وهو شهيد القلب لمعاني صفات مخاطبه ، ناظرا إلى قدرته ، تاركا للمعهود من علمه ومعقوله ، متبرئا من حوله وقوته ، معظّما للمتكلّم ، مفتقرا إلى التفهّم ، بحال مستقيم ، وقلب سليم ، وقوة علم ، وتمكّن سمع لفهم الخطاب ، وشهادة غيب الجواب ، بدعاء وتضرع ، وابتئاس (٤) وتمسكن ، وانتظار للفتح عليه من عند الفتاح العليم.
وليستعن (٥) على ذلك بأن تكون تلاوته على معاني الكلام (٦) وشهادة وصف المتكلم ؛ من الوعد بالتشويق ، والوعيد بالتخويف ، والإنذار بالتشديد ؛ فهذا القارئ أحسن الناس صوتا بالقرآن ؛ وفي مثل هذا قال تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) (البقرة : ١٢١). وهذا هو الراسخ في العلم ؛ جعلنا الله [وإياكم] (٧) من هذا الصنف : (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (الأحزاب : ٤).
فصل
وفي القرآن علم الأولين والآخرين ، وما من شيء إلا ويمكن استخراجه منه لمن فهّمه الله [تعالى] (٨) ، حتى إن بعضهم استنبط عمر النبي صلىاللهعليهوسلم ثلاثا وستين من قوله تعالى في سورة المنافقين : (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها) (الآية : ١١) فإنها رأس ثلاث وستين سورة ، وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده. وقوله تعالى مخبرا عن عيسى : (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ) (مريم : ٣٠) إلى قوله : (أُبْعَثُ حَيًّا) (مريم : ٣٣) ثلاث وثلاثون كلمة ، وعمره ثلاث وثلاثون سنة.
وقد استنبط الناس زلزلة عام اثنين وسبعمائة من قوله تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ)
__________________
(١) في المخطوطة (بالإيمان).
(٢) في المخطوطة (منقوله).
(٣) ساقطة من المطبوعة.
(٤) تصحفت في المخطوطة إلى (يأس).
(٥) في المخطوطة (وأن يستعن).
(٦) في المخطوطة (الكلمة).
(٧) ساقطة من المطبوعة.
(٨) ليست في المخطوطة.