بالأنبياء (١) وغيرهم. كيف وقد ذكرت مريم وهي صدّيقة (٢) على أحد القولين! ولو سلّم أنها في الأنبياء خاصة ، فهم بعض من أنعم الله عليهم ، وجعلهم في آية النساء صنفا من المنعم عليهم ، فكانت آية النساء من حيث هي عامة أولى بتفسير (٣) قوله : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) (الفاتحة : ٧) ولأنّ آية مريم ليس فيها إلاّ الإخبار (٤) بأن الله أنعم عليهم (٤) ، وذلك هو معنى قوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (الفاتحة : ٦) والرغبة إلى الله تعالى في الثّبات عليها ، هي نفس الطاعة لله ولرسوله ، فإن العبد إذا هدي إلى الصراط المستقيم ، فقد هدي إلى الطاعة المقتضية أن يكون مع المنعم عليهم. وظهر بهذا أن آية النساء أمسّ (٥) بتفسير سورة الحمد من الآية التي في سورة مريم.
فصل
وقد يكون اللفظ مقتضيا لأمر ويحمل (٦) على غيره ، لأنه أولى بذلك الاسم منه ، وله أمثلة (٧) : منها تفسيرهم السبع (الْمَثانِي) (الحجر : ٨٧) بالفاتحة مع أنّ الله تعالى أخبر أنّ القرآن كله (مَثانِيَ) (الزمر : ٢٣).
ومنها قوله عن أهل الكساء (٨) : «هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا (٩)» ، وسياق القرآن يدلّ على إرادة الأزواج ، وفيهنّ نزلت ، ولا يمكن (١٠) خروجهنّ
__________________
(١) في المخطوطة (للأنبياء).
(٢) في المخطوطة (الصدّيقة).
(٣) في المخطوطة (أولا يفسر) بدل (أولى بتفسير).
(٤) في المخطوطة (لأن الله تعالى أنعم عليه).
(٥) في المخطوطة (ليس له).
(٦) في المخطوطة (ويحتمل).
(٧) في المخطوطة (الشبه).
(٨) تصحفت في المخطوطة إلى (الكتاب).
(٩) حديث أهل الكساء الوارد بهذا اللفظ أخرجه الترمذي من حديث عمر بن أبي سلمة ٥ / ٦٦٣ ، كتاب المناقب (٥٠) ، باب مناقب أهل بيت النبي صلىاللهعليهوسلم (٣٢) ، الحديث (٣٧٨٧). وله شاهد في صحيح مسلم عن عائشة رضياللهعنها ٤ / ١٨٨٣ ، كتاب فضائل الصحابة (٤٤) ، باب فضائل الصحابة (٩) ، الحديث (٦١ / ٢٤٢٤) ، وانظر تفسير القرطبي ١٤ / ١٨٢ ـ ١٨٣.
(١٠) في المخطوطة (يبطل).