على الاستحباب ، لأن قوله : (فَلا جُناحَ) بمنزلة قوله : «لا بأس» وذلك لا يقتضي الوجوب ولكن هذا الظاهر متروك بل هو واجب ، لأن طواف الإفاضة واجب ، ولأنه ذكره بعد التطوع فقال : (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) (١) [فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ] (١) فدلّ على أن النهي السابق نهي عن ترك واجب ، لا [نهي عن ترك] (٢) مندوب أو مستحبّ.
وقد يكون الكلام ظاهرا في شيء فيعدل به عن الظاهر بدليل آخر ، كقوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) (البقرة : ١٩٧) والأشهر اسم لثلاثة ، لأنه أقل الجمع. وكقوله تعالى : (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) (النساء : ١١) فالظاهر اشتراط ثلاثة من الإخوة لكن قام الدليل من خارج على أن المراد اثنان ، لأنهما يحجبانها [١١٠ / ب] عن الثلث إلى السدس.
فصل
قد يكون اللفظ مشتركا بين حقيقتين أو حقيقة ومجاز ، ويصح حمله عليهما جميعا كقوله تعالى : (لا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) (البقرة : ٢٨٢) قيل : المراد «يضارر» (٣) وقيل : (٤) [«يضارر» أي الكاتب والشهيد لا يضارر ، فيكتم الشهادة والخطّ ؛ وهذا أظهر.
ويحتمل أن من دعا الكاتب والشهيد لا] (٤) يضارره فيطلبه في وقت فيه ضرر.
وكذلك قوله : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها) (البقرة : ٢٣٣) فعلى هذا يجوز أن يقال : أراد الله [تعالى] (٥) بهذا اللفظ كلا المعنيين على القولين ؛ أما إذا قلنا بجواز (٦) استعمال المشترك في معنييه فظاهر ، وأما إذا قلنا بالمنع ، [فبأن] (٧) يكون اللفظ قد خوطب به مرتين : مرة أريد هذا ومرة هذا ، وقد جاء عن أبي الدرداء رضياللهعنه : «لا يفقه الرجل
__________________
(١) تمام الآية ليس في المطبوعة.
(٢) ليس في المخطوطة.
(٣) في المخطوطة (يضار).
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٥) ليست في المطبوعة.
(٦) في المخطوطة (يجوز).
(٧) ساقطة من المخطوطة وما بعدها (فيكون) في المخطوطة.