كل الفقه حتى [يرى] (١) للقرآن وجوها كثيرة» (٢). رواه أحمد. أي [يريد] (٣) اللفظ الواحد يحتمل معاني متعددة ، ولا يقتصر به على ذلك (٤) (العلم أنه يصلح لهذا ولهذا فإذا كانت المعاني ليست متضادة بل كلها حق صلح أن يقال يحتمل من الآية هذا وهذا) (٤).
وقال ابن القشيري في مقدمة (٥) «تفسيره» : ما لا يحتمل إلا معنى واحدا حمل عليه ، وما احتمل معنيين فصاعدا بأن وضع لأشياء متماثلة ، كالسواد حمل على الجنس عند الإطلاق وإن وضع لمعان مختلفة ؛ فإن ظهر أحد المعنيين حمل على الظاهر إلا أن يقوم الدليل ، وإن استويا ، سواء كان الاستعمال فيهما حقيقة أو مجازا ؛ أو في أحدهما حقيقة وفي الآخر (٦) مجازا كلفظ العين والقرء واللمس ، فإن تنافى الجمع بينهما فهو مجمل ، فيطلب البيان من غيره ، وإن لم يتناف ، فقد مال قوم إلى الحمل على المعنيين ، والوجه التوقف فيه ، لأنه ما وضع للجميع ، بل وضع لآحاد مسمّيات على البدل ، وادعاء إشعاره بالجميع بعيد ؛ نعم يجوز أن يريد المتكلم به جميع المحامل ولا يستحيل ذلك عقلا ، وفي مثل هذا يقال : يحتمل أن يكون المراد كذا ، ويحتمل أن يكون كذا».
(فصل)
وقد ينفى الشيء ويثبت باعتبارين كما سبق في قوله [تعالى] (٧) : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (الأنفال : ١٧) ثم أثبته لسرّ غامض ؛ وهو أنّ الرمي الثاني غير الأول ؛ فإن الأول عنى به الرمي بالرعب ، والثاني عنى به بالتراب حين رمى النبي صلىاللهعليهوسلم في وجوه أعدائه بالتراب والحصى وقال : «شاهت الوجوه» (٨) فانهزموا ، فأنزل الله يخبره أن انهزامهم لم يكن لأجل التراب ، وإنما هو بما أوقع في قلوبهم من الرعب.
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) الحديث تقدم تخريجه في ٢ / ٨٧.
(٣) ساقطة من المطبوعة.
(٤) اضطربت العبارة في المطبوعة كالتالي (المعنى بل يعلم أنه يصلح لهذا وهذا).
(٥) هو عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري تقدم التعريف به وبكتابه في ٢ / ٢٤٨.
(٦) في المخطوطة (الثاني).
(٧) ليست في المخطوطة.
(٨) الحديث من رواية إياس بن سلمة عن أبيه ، أخرجه مسلم في الصحيح ٣ / ١٤٠٢ ، كتاب الجهاد والسير (٣٢) ، باب في غزوة حنين (٢٨) ، الحديث (٨١ / ١٧٧٧).