١٢) فقيل إنه من هذا الباب ، ومنعه قوم وقال : الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، ولو للتمني لرسول الله صلىاللهعليهوسلم كالترجّي في : (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) (الأنبياء : ٣١) لأنه تجرّع من عداوتهم الغصص ، فجعله الله كأنه تمنى أن يراهم على تلك الحالة الفظيعة ، من نكس الرءوس صما عميا ليشمت بهم. ويجوز أن تكون : [(لَوْ)] (١) امتناعية (٢) ، وجوابها محذوف ؛ أي لرأيت أسوأ حال يرى.
* (الرابع) خطاب العام والمراد الخصوص : وقد اختلف العلماء في وقوع ذلك في القرآن ، فأنكره بعضهم ؛ لأنّ الدلالة الموجبة للخصوص بمنزلة الاستثناء المتصل بالجملة ، كقوله تعالى : (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً) (العنكبوت : ١٤) والصحيح أنه واقع.
كقوله : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) (آل عمران : ١٧٣) وعمومه يقتضي دخول جميع الناس في اللفظين (٣) جميعا ؛ والمراد بعضهم ؛ لأن القائلين غير المقول لهم ، والمراد بالأول نعيم بن سعيد الثقفي (٤) ، والثاني أبو سفيان وأصحابه. قال الفارسي (٥) : «ومما يقوّي أن المراد بالناس في قوله : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) واحد قوله : (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) (آل عمران : ١٧٥) فوقعت الإشارة بقوله : (ذلِكُمُ) إلى واحد بعينه ، ولو كان المعنيّ به جمعا لكان «إنما الشياطين الشياطين» (٦) فهذه دلالة ظاهرة في اللفظ وقيل بل وضع فيه (الَّذِينَ) موضع «الذي».
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (الامتناعية).
(٣) في المخطوطة (اللفظتين).
(٤) كذا في المخطوطة والمطبوعة ، ولعله نعيم بن مسعود الأشجعي كما في الكشاف ١ / ٢٣١ ، عند تفسير الآية ، وهو الصحابي الجليل نعيم بن مسعود بن عامر ، أبو سلمة الأشجعي : صحابي مشهور له ذكر في البخاري أسلم ليالي الخندق ، وهو الذي أوقع الخلاف بين الحيّين قريظة وغطفان في وقعة الخندق ، وله رواية عن النبي صلىاللهعليهوسلم. روى عنه ولداه مسلمة وزينب. قتل نعيم في أول خلافة علي رضياللهعنه قبل قدومه البصرة في وقعة الجمل وقيل في خلافة عثمان (الإصابة ٣ / ٥٣٨) ، وانظر الصاحبي لابن فارس ص ١٧٨. باب العموم والخصوص.
(٥) هو أبو علي الفارسي ، الحسن بن أحمد بن عبد الغفار ، تقدم التعريف به في ١ / ٣٧٥.
(٦) عبارة المخطوطة. (إنما ذلكم الشيطان).