بين يدي نجواكم]) (الآية : ١٢) أن يكون خطابا للمنافقين الذين آمنوا بألسنتهم ، وأن يكون للمؤمنين.
ومن هذا النوع الخطاب ب (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) (الأنفال : ٦٤) (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) (المائدة : ٤١) ولهذا تجد الخطاب بالنبيّ في محل لا يليق به الرسول ، وكذا عكسه ، كقوله في مقام الأمر بالتشريع العام : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (المائدة : ٦٧) وفي مقام الخاص : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) (التحريم : ١) ومثله : (إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) (الأحزاب : ٥٠). وتأمّل قوله : (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) (الحجرات : ١) في مقام الاقتداء بالكتاب (١) [والسنة] (٢) ثم قال : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) (الحجرات : ٢) فكأنه جمع له المقامين : معنى النبوة والرسالة ؛ تعديدا للنعم في الحالين.
وقريب منه في المضاف إلى الخاص : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) (الأحزاب : ٣٢) ولم يقل : «يا نساء الرسول» لمّا قصد اختصاصهنّ عن بقية الأمة. وقد يعبّر بالنبي في مقام التشريع العام ، لكن مع قرينة إرادة التعميم ، كقوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) (الطلاق : ١) ولم يقل : «طلّقت».
(التاسع) خطاب الذم. نحو : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ) (التحريم : ٧). (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) (الكافرون : ١) ولتضمنه الإهانة لم يقع في القرآن في غير هذين الموضعين.
وكثر الخطاب ب (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) (البقرة : ١٠٤) على المواجهة ، وفي جانب الكفار على الغيبة ، إعراضا عنهم ، كقوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) (الأنفال : ٣٨) [ثم قال] (٣) (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) (الأنفال : ٣٩) فواجه بالخطاب المؤمنين ، وأعرض بالخطاب عن الكافرين ؛
__________________
تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ...) الآية ، (المجادلة : ٩) ، انظر الكشاف ٤ / ٧٤.
(١) في المخطوطة (باكتساب).
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) ساقطة من المخطوطة.