ولهذا كان [النبي] (١) صلىاللهعليهوسلم إذا عتب على قوم قال : «ما بال رجال يفعلون كذا!» ، فكنى عنهم تكرّما ، وعبّر عنهم بلفظ الغيبة إعراضا.
(العاشر) خطاب الكرامة. نحو : (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) (الأعراف : ١٩). وقوله : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) (الحجر : ٤٦).
(الحادي عشر) خطاب الإهانة. نحو قوله لإبليس : (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ* وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ) (الحجر : ٣٤ و ٣٥) وقوله : ([قالَ]) (٢) اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (المؤمنون : ١٠٨). وقوله : (وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) (الإسراء : ٦٤). قالوا : ليس هذا إباحة لإبليس ، وإنما معناه : أنّ ما يكون منك لا يضرّ عباده كقوله : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) (الإسراء : ٦٥).
(الثاني عشر) خطاب التهكم. وهو الاستهزاء بالمخاطب ، مأخوذ من «تهكّم (٣) البئر» إذا تهدّمت ؛ كقوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) (الدخان : ٤٩) وهو خطاب لأبي جهل ؛ لأنه قال : «ما بين جبليها ـ يعني مكة ـ أعز ولا أكرم مني (٤)».
وقال : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (التوبة : ٣٤) جعل العذاب مبشّرا به. وقوله : (هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) (الواقعة : ٥٦) وقوله : (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ* وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) (الواقعة : ٩٢ ـ ٩٤) والنزل لغة : هو الذي (٥) يقدّم للنازل تكرمة له قبل حضور الضيافة.
وقوله تعالى : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ* لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ) [١١٤ / ب](مِنْ أَمْرِ اللهِ) (الرعد : ١٠ و ١١) على تفسير (المعقبات) بالحرس حول السلطان ، يحفظونه ـ على زعمه ـ من أمر الله ، وهو تهكم ، فإنه لا يحفظه من أمر الله شيء إذا جاءه.
__________________
(١) ليس في المطبوعة.
(٢) ليس في المخطوطة.
(٣) في المخطوطة (تهكمت).
(٤) الخبر أخرجه الواحدي في أسباب النزول ص ٢٥٣.
(٥) في المخطوطة (ما).