وقوله تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا) (الأحزاب : ١٨) وهو تعالى يعلم حقيقتهم و (يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) (هود : ٥) لا تخفى عليه خافية! وقوله تعالى : (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ* لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) (الواقعة : ٤٣ و ٤٤) وذلك لأن الظلّ من شأنه الاسترواح واللطافة ، فنفي هنا ، وذلك أنهم (١) لا يستأهلون الظل الكريم.
(الثالث عشر) : خطاب الجمع بلفظ الواحد. كقوله : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ) (الانشقاق : ٦). (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) (الانفطار : ٦). والمراد الجميع بدليل قوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا) (العصر : ٢ و ٣) وكان الحجّاج يقول في خطبته : «يأيها الإنسان ، وكلكم ذلك الإنسان».
وكثيرا ما يجيء ذلك في الخبر ، كقوله تعالى : ([إِنَ]) (٢) هؤُلاءِ ضَيْفِي (الحجر : ٦٨) ولم يقل : «ضيوفي» ، لأنه مصدر. وقوله : (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ) (المنافقون : ٤) ولم يقل الأعداء. وقوله : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (النساء : ٦٩) أي رفقاء. وقوله : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) (البقرة : ٢٨٥) (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) (الحاقة : ٤٧).
وفي الوصف كقوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (المائدة : ٦). وقوله : (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) (التحريم : ٤) وقوله : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا) (يوسف : ٨٠) وجمعه أنجية ، من المناجاة. وقوله : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) (النور : ٣١) فأوقع الطّفل جنسا.
قال ابن جني (٣) : «وهذا باب يغلب عليه الاسم لا الصفة ، نحو الشاة والبعير والإنسان والملك ، قال تعالى : (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) (الحاقة : ١٧) (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (الفجر : ٢٢) (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) (العصر : ٢) ومن مجيئه في الصفة قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) (الفرقان : ٢٧) وقوله : (وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ
__________________
(١) في المخطوطة (ذلك لأنهم).
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) انظر سرّ صناعة الإعراب ١ / ١٥.