رَبُّكُما يا مُوسى) (طه : ٤٩) أي «ويا هارون» ، وفيه وجهان : (أحدهما) : أنه أفرد موسى [عليهالسلام] (١) بالنداء بمعنى التخصيص والتوقف ؛ إذ كان هو صاحب عظيم الرسالة وكريم الآيات. ذكره ابن عطية. (والثاني) : لما كان هارون أفصح لسانا منه على ما نطق به القرآن ثبت عن جواب الخصم الألدّ. ذكره صاحب «الكشاف» (٢). وانظر إلى الفرق بين الجوابين.
ومثله : (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) (طه : ١١٧) قال ابن عطية : إنّما أفرده بالشقاء من حيث [كان] (٣) المخاطب أولا والمقصود في الكلام. وقيل بل ذلك لأن الله [تعالى] (٤) جعل الشقاء في معيشة الدنيا في حيّز الرجال ، ويحتمل الإغضاء عن ذكر المرأة ، ولهذا قيل : «من الكرم ستر الحرم». وقوله (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) (الشعراء : ١٦).
ونحوه في وصف الاثنين بالجمع قوله تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) (التحريم : ٤) وقال : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا) (الحج : ١٩) ولم يقل : «اختصما». وقال (٥) : (فَتابَ عَلَيْهِ) (البقرة : ٣٧) ولم يقل : «عليهما» اكتفاء بالخبر عن أحدهما بالدلالة عليه.
(السابع عشر) : خطاب الجمع بعد الواحد. كقوله تعالى : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا ...) الآية (يونس : ٦١) فجمع ثالثها (٦) ، والخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم. قال ابن الأنباريّ : «إنما جمع في الفعل الثالث ليدلّ على أن الأمة داخلون مع النبي صلىاللهعليهوسلم وحده ، وإنما جمع تفخيما له وتعظيما ، كما في قوله [تعالى] (٧) : (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) (البقرة : ٧٥)».
وكذلك قوله : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (يونس : ٨٧) فثنّى في الأول (٨) ، ثم جمع ، ثم أفرد ،
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) انظر الكشاف ٢ / ٤٣٥.
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) ليست في المطبوعة.
(٥) في المخطوطة (وقوله).
(٦) في المخطوطة (ثالثا).
(٧) ليست في المخطوطة.
(٨) في المخطوطة (أولا).