لأنه خوطب أولا موسى وهارون ، لأنّهما المتبوعان ، ثم سيق الخطاب عاما لهما ولقومهما باتخاذ المساجد والصلاة فيها ؛ لأنّه واجب عليهم ، ثمّ خصّ موسى بالبشارة تعظيما له.
(الثامن عشر) خطاب عين والمراد [غيره] (١). كقوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) (الأحزاب : ١) الخطاب له والمراد المؤمنون : لأنه صلىاللهعليهوسلم كان [١١٦ / أ] تقيا ، وحاشاه من طاعة الكافرين والمنافقين. والدليل على ذلك قوله في سياق الآية : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (الأحزاب : ٢).
وقوله تعالى : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) (يونس : ٩٤) بدليل قوله في صدر الآية : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي) (يونس : ١٠٤). ومنهم من أجراه على حقيقته وأوّله ، قال أبو عمر الزاهد (٢) في «الياقوتة» : «سمعت الإمامين ثعلب والمبرّد يقولان : معنى (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ) أي قل يا محمد [للكافر] (٣) : إن كنت في شك من القرآن فاسأل من أسلم من اليهود ؛ إنهم أعلم به (٤) من أجل أنهم أصحاب كتاب. وقوله [تعالى] (٥) (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) (التوبة : ٤٣) قال ابن فورك (٦) : معناه وسّع الله عنك على وجه الدعاء ، و (لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) تغليط على المنافقين وهو في الحقيقة عتاب راجع إليهم ؛ وإن كان في الظاهر للنبي صلىاللهعليهوسلم ، كقوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) (يونس : ٩٤).
وقوله : (عَبَسَ وَتَوَلَّى) (عبس : ١) قيل إنه أمية (٧) ؛ وهو الذي تولى دون النبي صلىاللهعليهوسلم ، ألا ترى أنه لم يقل : «عبست»! وقوله : (لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (الزمر : ٦٥) وقوله : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (البقرة : ١٤٥).
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) هو محمد بن عبد الواحد المعروف بالزاهد تقدم التعريف به وبكتابه «ياقوتة الصراط» في ١ / ٣٩٣. النوع الثامن عشر معرفة غريبه.
(٣) ساقطة من المطبوعة.
(٤) في المخطوطة (بهم).
(٥) ليست في المطبوعة.
(٦) محمد بن الحسن بن فورك ، تقدم في ١ / ٣٢٤.
(٧) قال ابن العربي : «وأما قول علمائنا : إنه الوليد بن المغيرة ، وقال آخرون : إنه أمية بن خلف ، فهذا