وكذلك : (بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ) (طه : ١٢) ، و (الْوادِ الْأَيْمَنِ) (القصص : ٣٠) هما مبدأ التقديس [واليمن] (١) الذي وصفا به ، فانتقل التقديس واليمن منهما إلى الجمال ، ذاهبا (٢) بهما إلى ما لا يحيط بعلمه إلا الله.
وكذلك : (وادِ النَّمْلِ) (النّمل : ١٨) هو موضع لابتداء سماع الخطاب من أخفض الخلق ، ـ وهي ال (نَمْلَةٌ) ـ إلى أعلاهم ـ وهو (الْهُدْهُدَ) و (الطَّيْرَ) ومن ظاهر الناس وباطن الجنّ إلى قول ال (عِفْرِيتٌ) إلى قول (الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) إلى ما وراء ذلك من هداية ال (كِتابٌ) إلى مقام الإسلام (لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
وكذلك وله الجوار المنشئات [في البحر] (٣) (الرحمن : ٢٤) سقطت الياء تنبيها على أنها لله من حقّ إنشائها بعد أن لم تكن ، إلى ما وراء ذلك مما لا نهاية له من صفاتها.
وكذلك (الْجَوارِ الْكُنَّسِ) (التكوير : ١٦) حذفت الياء تنبيها على أنها تجري من محل اتصافها [٦١ / ب] بالخناس ، إلى محلّ اتصافها بالكناس ، وذلك يفهم أنه اتصف بالخناس عن حركة تقدمت بالوصف بالجوار الظاهر ، يفهم منه وصف بالجوار في الباطن ؛ وهذا الظاهر مبدأ لفهمه ؛ كالنجوم الجارية داخل تحت معنى الكلمة.
فصل [في حذف النون]
ويلحق بهذا القسم حذف النون الذي هو لام فعل ، فيحذف تنبيها على صغر مبدأ الشيء وحقارته ، وأن منه ينشأ ويزيد ، إلى ما لا يحيط بعلمه غير الله ، مثل (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً) (القيامة : ٣٧) ، حذفت النون تنبيها على مهانة (٤) مبتدأ الانسان وصغر قدره بحسب ما يدرك هو من نفسه ، ثم يترقّى في أطوار التكوين (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) (يس : ٧٧) ، فهو حين كان (نُطْفَةً) كان ناقص الكون ؛ كذلك كلّ مرتبة ينتهي إليها كونه [و] (٥) هي ناقصة الكون بالنسبة [لما] (٦) بعدها ، فالوجود الدنيويّ كلّه ناقص الكون عن كون الآخرة ، كما قال الله تعالى : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) (العنكبوت : ٦٤).
__________________
(١) ساقط من المطبوعة.
(٢) في المخطوطة (بهما ذاهبا).
(٣) ساقط من المخطوطة.
(٤) تصحفت في المخطوطة إلى (نهاية).
(٥) ليست في المطبوعة.
(٦) ساقط من المخطوطة.