* (الخامس والعشرون) خطاب التشجيع والتحريض. وهو الحث على الاتّصاف بالصفات الجميلة ، كقوله [تعالى] (١) : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) (الصف : ٤) وكفى بحثّ الله سبحانه تشجيعا على منازلة (٢) الأقران ، ومباشرة الطعان. وقوله تعالى : (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) (آل عمران : ١٢٥). وقوله تعالى : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) (الأنفال : ١٦) وكيف لا يكون للقوم صبر والملك الحق جل جلاله قد وعدهم بالمدد (٣) الكريم فقال : (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (آل عمران : ١٢٦) وقوله تعالى : (فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ) (النساء : ١٠٤).
وقد جاء في مقابلة هذا القسم ما يراد منه الأخذ بالحزم والتأنّي بالحرب والاستظهار عليها بالعدّة [١١٧ / أ] كقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (البقرة : ١٩٥) وقوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) (الأنفال : ٦٠). ونحو (٤) ذلك في الترغيب والترهيب ما جاء في قصص الأشقياء تحذيرا لما نزل من العذاب ، وإخبارا للسعداء [ترغيبا] (٥) فيما صاروا إليه من الثواب.
* (السادس والعشرون) : خطاب التنفير (٦). كقوله تعالى : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (الحجرات : ١٢) فقد جمعت هذه الآية أوصافا وتصويرا لما يناله المغتاب من عرض من يغتابه على أفظع وجه ؛ وفي ذلك محاسن كالاستفهام الذي معناه التقريع والتوبيخ ، وجعل ما هو الغاية في الكراهة موصولا بالمحبة ، وإسناد الفعل إلى (أَحَدُكُمْ). وفيه إشعار بأن أحدا لا يحب ذلك. ولم يقتصر على تمثيل الاعتبار بأكل لحم الإنسان حتى جعله «أخا» ولم يقتصر على لحم الأخ حتى جعله «ميتا» وهذه مبالغات عظيمة ، ومنها أن المغتاب غائب وهو لا يقدر على الدفع لما قيل فيه فهو كالميت.
* (السابع والعشرون) خطاب التحنّن والاستعطاف. كقوله تعالى : (قُلْ يا عِبادِيَ
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (مبارزة).
(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (بالمرد).
(٤) في المخطوطة (وغير).
(٥) ساقطة من المطبوعة.
(٦) في المخطوطة (التعيير).