لَظى * نَزَّاعَةً لِلشَّوى * تَدْعُوا) (المعارج : ١٥ ـ ١٧) قال : الدعاء من النار مجاز. وكقوله تعالى : (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً ...) الآية (الروم : ٣٥) والسلطان هنا هو البرهان ، أي برهان (١) يستدلّون به ، فيكون صامتا ناطقا ، كالدلائل المخبرة ، والعبرة والموعظة.
وقوله : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) (القارعة : ٩) فاسم الأم الهاوية مجاز ؛ أي كما أنّ الأم كافلة لولدها وملجأ له ، كذلك أيضا النار للكافرين كافلة ومأوى ومرجع. وقوله : (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) (الذاريات : ١٠) (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (عبس : ١٧) (قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (المنافقون : ٤) والفعل في هذه المواضع مجاز أيضا لأنه بمعنى أبعده الله وأذله. وقيل : قهره وغلبه.
وهو كثير ، فلنذكر (٢) أنواعه لتكون ضوابط لبقية الآيات الشريفة (٣).
(الأول) : إيقاع المسبب موقع السبب (٤). كقوله تعالى : (قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً [يُوارِي سَوْآتِكُمْ]) (٥) (الأعراف : ٢٦) وإنما نزل سببه ، وهو الماء. وكقوله : (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) (الأعراف : ٢٧). ولم يقل : «كما فتن أبويكم» ، لأن الخروج من الجنة هو المسبّب الناشئ عن الفتنة ، فأوقع المسبّب موقع السبب ، (٦) [أي لا تفتتنوا بفتنة الشيطان ، فأقيم فيه السبب مقام المسبب ، وهو سبب خاص ، فإذا عدم فيعدم المسبّب] (٦) فالنهي في الحقيقة لبني آدم ، والمقصود عدم وقوع هذا الفعل منهم ، فلما أخرج السبب من أن يوجد بإيراد النهي عليه ، كان أدلّ على امتناع النهي بطريق الأولى.
وقوله [تعالى] (٨) : (ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) (المؤمن : ٤١)
__________________
(١) في المخطوطة (برهانا).
(٢) في المخطوطة (قلت ذكر).
(٣) اقتبس الزركشي هذه الأنواع من كتاب الإشارة إلى الإيجاز باب المجاز فصول أنواع المجاز بتصرف في التقديم والتأخير.
(٤) وهو الفصل السادس والعشرون من أنواع المجاز عند العز بن عبد السلام انظر الإشارة إلى الإيجاز ص ٣٨.
(٥) ليست في المطبوعة.
(٦) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٨) ليست في المخطوطة.