تعالى : (سَنَكْتُبُ ما قالُوا) (آل عمران : ١٨١) أي سنحفظه حتى نجازيهم عليه. ومنه إطلاق اسم السمع على القبول ، كقوله تعالى : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) (هود : ٢٠) أي ما كانوا يستطيعون قبول ذلك والعمل به ، لأن قبول الشيء مرتب على سماعه ومسبّب عنه. ويجوز أن يكون نفي السّمع لابتغاء فائدته. ومنه قول الشاعر :
وإن حلفت لا ينقض النّأي عهدها |
|
فليس لمخضوب البنان يمين (١). |
أي وفاء يمين.
ومنه إطلاق الإيمان على ما (٢) نشأ عنه من الطاعة ، كقوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) (البقرة : ١٤٣) (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) (البقرة : ٨٥) أي أفتعملون (٣) ببعض التوراة وهو فداء الأسارى ، وتتركون العمل ببعض وهو قتل إخوانهم وإخراجهم من ديارهم.
وجعل الشيخ عز الدين (٤) من الأنواع نسبة الفعل إلى سبب سببه ، كقوله تعالى : (فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ) (البقرة : ٣٦) أي كما أخرج أبويكم فلا يخرجنكما من الجنة : (يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما) (الأعراف : ٢٧). المخرج والنازع في الحقيقة هو الله عزوجل ، وسبب ذلك أكل الشجرة (٥) [وسبب أكل الشجرة] (٥) وسوسة الشيطان ومقاسمته على أنه من الناصحين. وقد مثّل البيانيون بهذه الآية للسبب وإنما هي لسبب السبب. وقوله : (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) (إبراهيم : ٢٨) لما أمروهم بالكفر الموجب لحلول النار.
(الثالث) : إطلاق اسم الكل على الجزء. قال تعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ) (البقرة : ١٩) أي أناملهم ؛ وحكمة التعبير عنها بالأصابع (٦) [الإشارة إلى أنهم يدخلون أناملهم في آذانهم بغير المعتاد ، فرارا من الشدة ، فكأنهم جعلوا الأصابع. وقال تعالى] (٦) (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) (المائدة : ٦) واليد حقيقة إلى المنكب ،
__________________
(١) البيت في الإشارة إلى الإيجاز للعز بن عبد السلام ص ٧٥.
(٢) في المخطوطة (عمّا نشأ).
(٣) في المخطوطة (فيعملون).
(٤) انظر الإشارة إلى الإيجاز ص ٤٥ ، الفصل الثامن والعشرون في نسبة الفعل إلى سبب سببه.
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٧) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.