هذا إن جعلنا (إِلَى) بمعنى «مع» ، ولا يجب غسل جميع الوجه إذا ستره بعض الشعور الكثيفة.
وقوله : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (المائدة : ٣٨) والمراد هو البعض الذي هو الرسغ. وقال تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ) (البقرة : ٢٤٩) أي من لم يذق. وقوله : (تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ) (المنافقون : ٤) والمراد وجوههم ؛ لأنه لم ير جملتهم.
ومنه قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (البقرة : ١٨٥) استشكله الإمام (١) في «تفسيره» من جهة أن الجزاء إنما يكون بعد تمام الشرط والشرط أن يشهد الشهر ، وهو اسم لثلاثين يوما. وحاصل جوابه أنه أوقع الشهر وأراد جزءا منه ، و (٢) إرادة الكل باسم الجزء (٢) مجاز شهير. ونقل عن علي (٣) [رضياللهعنه أن المعنى : من شهد أول الشهر فليصم جميعه ، وأن الشخص متى كان مقيما أو في البر ثم سافر ، يجب عليه صوم الجميع. والجمهور على] (٣) أن هذا عام ، مخصّص بقوله : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً ...) الآية (البقرة : ١٩٦). ويتفرع على هذا أن من أدرك الجزء الأخير من رمضان : هل يلزمه صوم ما سبق إن كان مجنونا في أوله؟ فيه قولان.
(الرابع) : إطلاق اسم الجزء على الكل. كقوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) (القصص : ٨٨) أي ذاته (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) (الرحمن : ٢٧) وقوله : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) (البقرة : ١٤٤). وقوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ* عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) (الغاشية : ٢ و ٣) يريد الأجساد ، لأن العمل والنّصب من صفاتها [١١٩ / أ] وأما قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) (الغاشية : ٨) فيجوز أن يكون من هذا ؛ عبّر بالوجوه عن الرجال. ويجوز أن يكون من وصف البعض بصفة الكلّ لأنّ التنعم منسوب إلى جميع
__________________
(١) عنى به الإمام فخر الدين الرازي في التفسير الكبير ٥ / ٨٨ ـ ٨٩ بتصرف ، وانظر الإتقان ٣ / ١١١.
(٢) في المخطوطة (وإرادة الجزء باسم الكل).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة ، والأثر عن علي رضياللهعنه ذكره الرازي في التفسير ٥ / ٨٨ وأخرجه عبد بن حميد ، والطبري في التفسير ٢ / ٨٦ ، وابن أبي حاتم (وانظر الدر المنثور ١ / ١٩٠).