في مسألة «العلقى» (١) : كان أجفى (٢) من أن يفقه ما أقول (٣) له. وأشار الزمخشري بذلك إلى أن أبا عبيدة قال للمازني : ما أكذب النحويين! يقولون : هاء التأنيث [لا] (٤) تدخل على ألف التأنيث وإن الألف في «علقى» [ملحقة] (٥) ، قال : فقلت له : وما أنكرت من ذلك؟ قال سمعت رؤبة (٦) ينشد
فحطّ في علقى وفي مكور
فلم ينوّنها ، فقلت : ما واحد العلقى؟ فقال : علقاة ، قال المازنيّ : فأسفت ولم أفسّر له لأنه كان أغلظ من أن يفهم مثل هذا.
قلت : ويحتمل قوله : (يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) (غافر : ٢٨) أن الوعيد مما لا يستنكر ترك جميعه ، فكيف بعضه! ويدلّ قوله في آخر هذه السورة : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) (٧) (غافر : ٧٧) وفيها تأييد لكلام ثعلب أيضا.
وقد يوصف البعض ، كقوله تعالى : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) (غافر : ١٩) وقوله : (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) (العلق : ١٦) الخطأ صفة الكلّ فوصف به الناصية ، وأما الكاذبة فصفة اللسان (٨). وقد يوصف الكلّ بصفة البعض كقوله : (إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) (الحجر : ٥٢) والوجل صفة القلب. وقوله ([وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ]) (٩) رُعْباً (الكهف : ١٨) والرعب إنما يكون في القلب.
(الخامس) : إطلاق اسم الملزوم على الملازم. كقوله تعالى : (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ
__________________
(١) سيأتي ذكرها بعد أسطر.
(٢) في المخطوطة (أخفى).
(٣) في المخطوطة (بالقول).
(٤) ساقطة من المطبوعة.
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) رؤبة بن العجاج الشاعر ، تقدمت ترجمته في ١ / ١٨٠. وتمام البيت* بين تواري الشّمس والذّرور* كما في لسان العرب ١٠ / ٢٦٤ ، و «العلقى» : شجر تدوم خضرته في القيظ ولها أفنان طوال دقاق وورق لطاف.
(٧) تصحفت في المخطوطة إلى (مرجعهم).
(٨) في المخطوطة (للسان).
(٩) ليست في المخطوطة.