والقصد بذلك تعظيم شأن هذه الأحرف ؛ فإنّ الصلاة والزكاة عمودا الاسلام ، والحياة قاعدة النفس ، ومفتاح البقاء ، (١) [وترك الربا قاعدة الأمان ، ومفتاح التقوى] (١) ولهذا قال : (اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) (البقرة : ٢٧٨) ، إلى قوله : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ [مِنَ اللهِ]) (١) (البقرة : ٢٧٩) ، ويشتمل على أنواع الحرام ، وأنواع الخبائث ، وضروب المفاسد ؛ وهو نقيض الزكاة ؛ ولهذا قوبل بينهما في [قوله] : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) (البقرة : ٢٧٦) واجتنابه أصل في التصرفات المالية ؛ وإنما كتبت بالألف في سورة الروم لأنه ليس العام الكلّي ؛ لأنّ الكلّيّ منفيّ في حكم الله عليه بالتحريم ، وفي نفي الكليّ نفي جميع جزئياته.
(فإن قلت) : فلم كتب الزكوة هنا بالواو؟ وهلاّ جرت على نظم ما قبلها من قوله : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً) (الروم : ٣٩)؟ (قلت) : لأن المراد بها الكلّية في حكم الله ، ولذلك قال : (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) (الروم : ٣٩).
وأما كتاب النجوة (غافر : ٤١) (٢) [بالواو فلأنها قاعدة الطاعات ومفتاح السعادات ، قال الله تعالى : ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النّجوة] (٢) (غافر : ٤١).
وأما (بِالْغَداةِ) (الأنعام : ٥٢) فقاعدة الأزمان ، ومبدأ تصرّف الانسان ؛ مشتقة من الغدوّ.
وأما المشكاة (النور : ٣٥) فقاعدة الهداية ، ومفتاح الولاية ، قال [الله] (٢) تعالى : (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) (النور : ٣٥) وأما (مَناةَ) (النجم : ٢٠) فقاعدة الضلال ، ومفتاح الشرك والإضلال وقد وصفها الله بوصفين : أحدهما يدلّ على تكثيرهم الإله من مثنى (٣) ومثلث والثاني يدل على الاختلاف والتغاير ، فمن معطل ومشبّه ، تعالى الإله عما يقولون!
فصل
في مدّ التاء وقبضها
وذلك أن هذه الأسماء لما لازمت الفعل ، صار لها اعتباران : أحدهما من حيث
__________________
(١) ساقط من المخطوطة.
(٢) ساقط من المخطوطة.
(٣) وذلك قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) من سورة النجم الآية ١٩ ـ ٢٠.