عن مثل (١) [زيد ، وزيد هو مثل مثله ، فقد اختلفنا. ولأنه يلزم منه التناقض على تقدير إثبات المثل ، لأن مثل] (١) المثل لا يصح نفيه ضرورة كونه مثلا لشيء وهو مثل له.
وأجيب عن الأوّل بأنّا لا نسلّم لزوم إثبات المثل ، غاية ما فيه نفي مثل مثل الله ؛ وذلك يستلزم ألاّ يكون له مثل أصلا ، ضرورة أن مثل كلّ شيء فذلك الشيء مثله ، فإذا انتفى عن شيء أن يكون مثل [مثل] (٢) عمرو انتفى عن عمرو [أن يكون مثله] (٣). وأما الثاني فهو مبنيّ على أنّ هذه العبارات (٤) يلزم منها إثبات المثل ، ونحن قد منعناه ، بل أحلناه من العبارة. وقيل : ليست زائدة ، إما لاعتبار (٥) جواز سلب الشيء عن المعدوم ، كما تسلب الكتابة عن زيد وهو معدوم ، أو بحمل المثل على المثل ، أي الصفة ، كقوله تعالى : (مَثَلُ الْجَنَّةِ) (الرعد : ٣٥) أي صفتها ، فالتقدير : ليس كصفته شيء.
وبهذين التقديرين يحصل التخلص (٦) عن لزوم إثبات «مثل» وإن لم تكن زائدة. وأما القائلون بأن الزائد «مثل» ، وإلا لزم إثبات المثل ، ففيه نظر ، لاستلزام تقدير دخول الكاف على الضمير ؛ وهو ضعيف لا يجيء إلا في الشعر. وقد ذكرنا ما يخلص (٧) من لزوم إثبات المثل. وقيل : المراد الذات والعين ، كقوله : (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ) (البقرة : ١٣٧) وقول امرئ القيس :
على مثل ليلى يقتل المرء نفسه (٨)
فالكاف على بابها ، وليس كذاك ، بل المراد حقيقة المثل ليكون نفيا عن الذات بطريق برهانيّ كسائر الكنايات. ثم لا يشترط على هذا أن يكون لتلك الذات الممدوحة مثل في الخارج حصل النفي عنه ؛ بل هو من باب التخييل في الاستعارة التي يتكلم فيها البيانيّ.
فإن قيل : إنما يكون هذا نفيا عن الذات بطريق برهانيّ أن لو كانت المماثلة تستدعي المساواة في الصفات الذاتية وغيرها من الأفعال ، فإن اتفاق الشخصيتين (٩) بالذاتيات لا
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٢) ساقطة من المطبوعة.
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (العبارة).
(٥) في المخطوطة (وأما الاعتبار).
(٦) في المخطوطة (التخصيص).
(٧) في المخطوطة (تلخص).
(٨) لم نجده في ديوانه (طبعة دار صادر).
(٩) في المخطوطة (الشخصين).