والذي قبله في قوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (الأعراف : ٣١) وذلك لأنّ أخذ الزينة غير ممكن ؛ لأنها مصدر فيكون المراد محلّ الزينة ، ولا يجب أخذ الزينة للمسجد نفسه فيكون المراد بالمسجد الصلاة ، فأطلق اسم المحل على الحالّ وفي الزينة بالعكس.
* (الثامن عشر) : إطلاق اسم آلة الشيء عليه. كقوله تعالى : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) (الشعراء : ٨٤) أي ذكرا حسنا ، أطلق اللسان وعبّر به عن الذكر ؛ لأن اللسان آلة (١) الذكر. وقال تعالى : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) (القمر : ١٤) أي بمرأى منّا ، لما كانت العين آلة الرؤية. وقوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ) (إبراهيم : ٤) أي بلغة قومه.
* (التاسع عشر) : إطلاق اسم الضدّين على الآخر. كقوله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) (الشورى : ٤٠) وهي من المبتدئ سيئة ومن الله حسنة ، فحمل اللفظ على اللفظ. وعكسه : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ) (الرحمن : ٦٠) سمّي الأول إحسانا لأنه مقابل لجزائه وهو الإحسان ، والأول طاعة ، كأنه (٢) قال : هل جزاء الطاعة إلا الثواب! وكذلك : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) (آل عمران : ٥٤) حمل اللفظ على اللفظ ، فخرج الانتقام بلفظ الذنب ، لأنّ الله لا يمكر.
وأما قوله تعالى : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ) (الأعراف : ٩٩) فهو وإن لم يتقدم ذكر مكرهم في اللفظ لكن تقدم في سياق الآية قبله ما يصير إلى مكر ، والمقابلة لا يشترط فيها ذكر المقابل لفظا ، بل هو ، أو ما في معناه. وكذلك قوله : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (التوبة : ٣٤) لمّا قال : بشّر هؤلاء بالجنّة قال : بشّر هؤلاء بالعذاب ؛ والبشارة ؛ إنما تكون في الخير لا في الشرّ. وقوله : (إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ) (هود : ٣٨) والفعل الثاني ليس بسخرية.
* (العشرون) : تسمية الداعي إلى الشيء باسم الصّارف عنه. لما بينهما من
__________________
(١) تصحفت في المطبوعة إلى (آية).
(٢) في المخطوطة (فكأنه).