التشبيه ، كقوله تعالى : (جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ) (الكهف : ٧٧) فإنه شبّه ميله للوقوع بشبه المريد له.
وإما لأنه وقع فيه ذلك الفعل ، كقوله تعالى : (الم* غُلِبَتِ الرُّومُ) (الروم : ١ و ٢) فالغلبة واقعة بهم من غيرهم ، [ثم قال] (١) : (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) (الروم : ٣) فأضاف الغلب إليهم ؛ وإنما كان كذلك ؛ لأنّ الغلب وإن كان لغيرهم فهو متّصل بهم لوقوعه بهم. ومثله : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) (البقرة : ١٧٧) (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) (الإنسان : ٨) فالحبّ في الظاهر مضاف إلى الطعام والمال ؛ وهو في الحقيقة لصاحبهما. ومثله : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (الرحمن : ٤٦) (ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي [وَخافَ وَعِيدِ]) (٢) (إبراهيم : ١٤) أي مقامه بين يديّ.
وإما لوقوعه فيه ، كقوله تعالى : (يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) (المزمل : ١٧) وإما لأنه سببه ، كقوله تعالى : (فَزادَتْهُمْ إِيماناً) (التوبة : ١٢٤) (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ) (فصلت : ٢٣) (يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما) (الأعراف : ٢٧) (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) (إبراهيم : ٢٨) كما تقدّم في أمثلة المجاز العقلي. وقد يقال : إن النزع والإحلال يعبّر بهما عن فعل ما أوجبهما فالمجاز إفراديّ لا إسناديّ.
وقوله تعالى : (يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) (المزمل : ١٧) أي يجعل هوله : فهو من مجاز الحذف.
(الرابع والعشرون) : إطلاق الفعل والمراد مقاربته ومشارفته لا حقيقته. كقوله تعالى : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَ) (الطلاق : ٢) أي قاربن بلوغ الأجل ، أي انقضاء العدة لأنّ الإمساك لا يكون بعد انقضاء العدة ، فيكون بلوغ الأجل تمامه ؛ كقوله [تعالى] (٣) : (فَبَلَغْنَ) (٤) أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَ (البقرة : ٢٣٢) أي أتممن العدّة وأردن مراجعة الأزواج. ولو كانت مقاربته لم يكن للولي حكم في إزالة الرجعة ؛ لأنها بيد الزوج ، ولو كان الطلاق غير رجعيّ لم يكن للوليّ أيضا عليها حكم قبل تمام العدّة ، ولا تسمّى عاضلا حتى يمنعها تمام العدّة من المراجعة.
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة (فإذا بلغن) وصواب نص الآية ما أثبتناه.