(الثانية) : الاستفهام إذا بني عليه أمر قبل ذكر الجواب فهم ترتب ذلك الأمر على جوابه ، أيّ جواب كان ؛ لأن سبقه على الجواب يشعر بأن ذلك حال من يذكر في الجواب ؛ لئلا يكون إيراده قبله عبثا ، فيفيد حينئذ تعميما ، نحو «من جاءك فأكرمه» بالنصب ؛ فإنه لما قال قبل ذكر جواب الاستفهام «أكرمه» علم (١) أنه يكرم من يقول المجيب : إنّه جاء ، أي جاء كان ، وكذا حكم «من ذا جاءك أكرمه» ، بالجزم.
(الثالثة) : قد يخرج الاستفهام عن حقيقته ؛ بأن يقع ممن يعلم ويستغنى عن طلب الإفهام
***
وهو قسمان : بمعنى الخبر ، وبمعنى (٢) الإنشاء :
(الأول) (٣) : بمعنى الخبر ، وهو ضربان : أحدهما نفي [والثاني] (٤) إثبات ، فالوارد للنفي يسمى استفهام إنكار ، والوارد للإثبات يسمى استفهام تقرير ؛ لأنه يطلب بالأول إنكار المخاطب ، وبالثاني إقراره به.
فالأول : المعنى فيه (٥) على أنّ ما بعد الأداة منفيّ. ولذلك نصحبه «إلاّ» كقوله تعالى : (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) (الأحقاف : ٣٥).
وقوله تعالى : (وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ) (سبأ : ١٧).
ويعطف عليه المنفيّ ، كقوله [تعالى] (٦) : (فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (الروم : ٢٩) أي لا يهدي ؛ وهو كثير ومنه (٧) (أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) (الزمر : ١٩) أي لست تنقذ من في النار. (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس : ٩٩) (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً) (الأنعام : ١١٤) وكقوله [تعالى] (٨) : (قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) (الشعراء : ١١١) (فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ) (المؤمنون : ٤٧) أي لا نؤمن. [وقوله] (٨) : (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) (الطور : ٣٩) أي لا يكون هذا وقوله [تعالى] (٨) : (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا) (ص :
__________________
(١) في المخطوطة (على).
(٢) في المخطوطة (بمعنى).
(٣) يأتي القسم الثاني ص ٢ / ٤٤٢.
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (به).
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (كقوله).
(٨) ليست في المخطوطة.