٨) أي ما أنزل. وقوله [تعالى] (١) : (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) (الزخرف : ١٩) أي ما شهدوا ذلك وقوله [تعالى] (١) : (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ) (الزخرف : ٤٠) أي ليس ذلك إليك ؛ كما قال تعالى : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ) (النمل : ٨٠) وقوله [تعالى] (١) : (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) (ق : ١٥) أي لم نعي به.
وهنا أمران :
أحدهما : أنّ الإنكار قد يجيء لتعريف (٢) المخاطب أنّ ذلك المدّعي ممتنع عليه ؛ وليس من قدرته ؛ كقوله تعالى : (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ) (الزخرف : ٤٠) لأنّ إسماع الصّم لا يدّعيه أحد ؛ بل المعنى أن إسماعهم لا يمكن ؛ لأنهم بمنزلة الصم والعمي ؛ وإنما قدم الاسم في الآية ؛ ولم يقل : «أتسمع الصمّ»؟ إشارة إلى إنكار موجه (٣) عن تقدير ظنّ منه عليهالسلام أنه يختصّ بإسماع من به صمم ، وأنّه ادعى القدرة على ذلك ، وهذا أبلغ من إنكار الفعل. وفيه دخول الاستفهام على المضارع ، فإذا قلت (٤) : أتفعل؟ أو أأنت تفعل؟ احتمل وجهين :
(أحدهما) : إنكار وجود الفعل ؛ كقوله تعالى : (أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) (هود : ٢٨) والمعنى لسنا بمثابة من يقع منه هذا الإلزام ، وإن عبّرنا بفعل (٥) ذلك ؛ جلّ الله تعالى عن ذلك ، بل المعنى إنكار أصل الإلزام.
(والثاني) : قولك لمن يركب الخطر : أتذهب في غير طريق؟ انظر لنفسك واستبصر.
فإذا قدمت المفعول توجّه الإنكار [١٢٩ / أ] إلى كونه بمثابة أن يوقع به مثل ذلك الفعل ، كقوله : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا) (الأنعام : ١٤) وقوله : (أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) (الأنعام : ٤٠) المعنى : أغير الله بمثابة من يتخذ وليّا! ومنه : (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ) (القمر : ٢٤) لأنهم بنوا كفرهم على أنه ليس بمثابة من يتبع صيغة المستقبل ، إما أن يكون للحال ، نحو : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا [مُؤْمِنِينَ]) (٦) (يونس : ٩٩) أو للاستقبال (٧) ، نحو : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) (الزخرف : ٣٢).
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (لتعريض).
(٣) في المخطوطة (توجّه).
(٤) في المخطوطة (إذا قلنا).
(٥) في المخطوطة (بالفعل).
(٦) ليست في المطبوعة.
(٧) في المخطوطة (للاستفهام).