فإذا جمع بينهما وبين الشرط اتحدتا جملة واحدة ، نحو قوله : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) (النساء : ١٢٤) وقوله سبحانه : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) (الأنعام : ١٢٥) وقوله : (إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها) (الأعراف : ١٠٦) وقوله : (فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي) (الأعراف : ١٤٣) وقوله : (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) (يونس : ٤٦) وقوله : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) (طه : ١٢٣) فالأولى من جملة (١) المجازاة تسمى (٢) شرطا ، والثانية تسمى جزاء.
ويسمّي المناطقة الأوّل مقدما والثاني تاليا. فإذا انحلّ الرباط الواصل بين طرفي المجازاة عاد الكلام جملتين كما كان. (فإن قيل) : فمن أيّ أنواع الكلام تكون هذه الجملة المنتظمة من الجملتين؟ (قلنا) : قال صاحب (٣) «المستوفى» : العبرة (٤) في هذا بالتالي ؛ إن كان التالي قبل الانتظام جازما كانت هذه الشرطية جازمة ـ أعني خبرا محضا ـ ولذلك (٥) جاز أن توصل (٦) بها الموصلات ؛ كما في قوله تعالى : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ) (الحج : ٤١).
وإن لم يكن جازما لم تكن جازمة ، بل إن كان التالي أمرا ؛ فهي في عداد الأمر ، كقوله تعالى : (إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (الأعراف : ١٠٦) وإن كانت رجاء فهي في عداد الرجاء ، كقوله [تعالى] (٧) : (فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي) (الأعراف : ١٤٣) أي فهذا التسويف بالنسبة إلى المخاطب. فإن جعلت «سوف» بمعنى «أمكن» كان الكلام خبرا صرفا.
فأما الفاء التي تلحق التالي معقّبة فللاحتياج إليها حيث لا يمكن أن يرتبط التالي بذاته
__________________
(١) في المخطوطة (جري).
(٢) في المخطوطة (يسمى).
(٣) هو علي بن مسعود بن محمود أبو سعد القاضي تقدم التعريف به وبكتابه «المستوفى في النحو» في ١ / ٥١٣.
(٤) في المخطوطة (في العبرة).
(٥) في المخطوطة (وكذلك).
(٦) في المخطوطة (يوصل).
(٧) ليست في المخطوطة.