وسواء كان الشرط ممكنا في نفسه كالأمثلة السابقة ، أو مستحيلا ؛ كما في قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) (الزخرف : ٨١) وسواء كان الشرط سببا في الجزاء ووصلة (١) إليه ؛ كقوله تعالى : (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ) (محمد : ٣٦) أو كان الأمر بالعكس ، كقوله [تعالى] (٢) (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ) (النساء : ٧٩) أو كان لا هذا ولا ذاك ، فلا يقع إلا مجرد الدلالة (٣) على اقتران أحدهما بالآخر ، كقوله تعالى : (وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) (الكهف : ٥٧) إذ لا يجوز أن تكون الدعوة سببا للضلال ومفضية إليه ، ولا أن يكون الضلال مفضيا إلى الدعوة.
وقد يمكن أن يحمل على هذا قوله تعالى : (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً) (الممتحنة : ٢) وعلى هذا ما يكون من باب قوله [تعالى] (٤) : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) (آل عمران : ١٤٠) فإنّ التأويل «إن يمسسكم قرح فمع اعتبار قرح قد مسّهم قبل». والله أعلم بمراده.
الثالثة : أنه لا يتعلق إلا بمستقبل ؛ فإن كان ماضي اللفظ كان مستقبل المعنى ، كقولك (٥) : «إن متّ على الإسلام دخلت الجنة». (٦) [ثم للنحاة فيه تقديران : (أحدهما) : أن الفعل يغيّر لفظا لا معنى ، فكأن الأصل : «إن تمت مسلما تدخل الجنة»] (٦) فغيّر لفظ المضارع إلى الماضي تنزيلا له منزلة المحقّق. (والثاني) : أنّه تغير (٧) معنى ، وإن حرف الشرط لما دخل عليه قلب معناه إلى الاستقبال ، وبقي لفظه على حاله. والأول أسهل ، لأن تغيير اللفظ أسهل من تغيير المعنى.
وذهب المبرّد إلى أن فعل الشرط إذا كان لفظ «كان» بقي على حاله من المضيّ (٨) ؛ لأن «كان» جرّدت عنده للدلالة على الزّمن الماضي فلم تغيرها أدوات الشرط. وقال : إنّ «كان» مخالفة في هذا الحكم لسائر الأفعال ؛ وجعل منه قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ) (المائدة : ١١٦) (وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ) (يوسف : ٢٧).
__________________
(١) في المخطوطة (أو وصلة).
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) في المخطوطة (للدلالة).
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (كقوله).
(٦) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (تغيير).
(٨) في المخطوطة (المعنى).