والجمهور على المنع ، وتأولوا ذلك ، ثم اختلفوا : فقال ابن عصفور (١) والشلوبين (٢) وغيرهما : إن حرف الشرط دخل على فعل مستقبل محذوف ، أي (أَنْ) أكن (كُنْتُ قُلْتُهُ) ، أي (أَنْ) أكن فيما يستقبل موصوفا بأني (كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) ففعل الشرط محذوف مع هذا ، وليست «كان» المذكورة بعدها هي فعل الشرط. قال ابن الضائع (٣) : وهذا تكلّف لا يحتاج إليه ، بل (كُنْتُ) بعد (أَنْ) مقلوبة المعنى إلى الاستقبال ، ومعنى (إِنْ كُنْتُ) «إن أكن» [١٣٣ / أ] فهذه (٤) التي بعدها هي التي يراد بها الاستقبال ؛ لا أخرى محذوفة ، وأبطلوا مذهب المبرد بأنّ «كان» بعد أداة الشرط في غير هذا الموضع قد جاءت مرادا بها الاستقبال ، كقوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (المائدة : ٦).
وقد نبّه في «التسهيل» (٥) في باب الجوازم على أنّ فعل الشرط لا يكون إلا مستقبل المعنى ، (٦) [واختار في «كان» مذهب الجمهور ؛ إذ قال : ولا يكون الشرط غير مستقبل المعنى بلفظ «كان» أو غيرها إلا مؤولا.
واستدرك عليه «لو» «ولمّا» الشرطيتين ؛ فإن الفعل بعدهما لا يكون إلا ماضيا فتعين استثناؤه من قوله : «لا يكون إلا مستقبل المعنى»] (٦).
وأما قوله [تعالى] (٧) : (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ) (٨) [أَزْواجَكَ (الأحزاب : ٥٠) إلى (إِنْ وَهَبَتْ) فوقع فيها «أحللنا»] (٩) المنطوق به [أو] (٨) المقدر ، على القولين ، جواب الشرط مع كون الإحلال قديما ، فهو ماض. وجوابه أنّ المراد : «إن وهبت فقد حلّت» ،
__________________
(١) هو علي بن مؤمن أبو الحسن بن عصفور ، تقدمت ترجمته في ١ / ٤٦٦.
(٢) هو عمر بن محمد بن عمر الأزدي تقدمت ترجمته في ٢ / ٣٦٤.
(٣) هو علي بن محمد بن علي الكتامي ، تقدمت ترجمته في ٢ / ٣٦٤.
(٤) في المخطوطة (فليست هذه).
(٥) كتاب «تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد» لابن مالك أبي عبد الله جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني (ت ٦٧٢ ه) ، طبع في فاس عام ١٣٢٣ ه / ١٩٠٥ م ، وطبع في القاهرة بتحقيق محمد كامل بركات ونشرته وزارة الثقافة المصرية بدار الكاتب العربي عام ١٣٨٩ ه / ١٩٦٨ م.
(٦) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٧) ليست في المخطوطة.
(٨) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.