فجواب الشرط حقيقة الحلّ المفهوم من [الإحلال لا] (١) الإحلال نفسه ، وهذا كما أن الظرف من قولك : «قم غدا» ليس هو لفعل الأمر ، بل للقيام المفهوم منه.
وقال البيانيون (٢) : يجيء فعل الشرط ماضي اللفظ لأسباب : (منها) إيهام جعل غير الحاصل كالحاصل ، كقوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً [وَمُلْكاً كَبِيراً]) (٣) (الإنسان : ٢٠). (ومنها) إظهار الرغبة من المتكلم في وقوعه ، كقولهم : «إن ظفرت بحسن العاقبة فذاك» ، وعليه قوله تعالى (٤) : (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) (النور : ٣٣) أي امتناعا من الزنا ، جيء بلفظ الماضي ولم يقل «يردن» إظهارا لتوفير رضا الله ، ورغبة في إرادتهنّ التحصين. (ومنها) التعريض ، بأن يخاطب واحدا ومراده غيره ، كقوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (الزمر : ٦٥) الرابعة : جواب الشرط أصله الفعل المستقبل ، وقد يقع ماضيا ، لا على أنه جواب في الحقيقة ، نحو : «إن أكرمتك فقد أكرمتني» اكتفاء (٥) بالموجود عن المعدوم. ومثله قوله [تعالى] (٦) : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) (آل عمران : ١٤٠) ومسّ القرح قد وقع بهم ، والمعنى : إن يؤلمكم ما نزل بكم فيؤلمهم ما وقع ، فالمقصود ذكر الألم الواقع لجميعهم ، فوقع الشرط والجزاء على الألم.
وأما قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) (المائدة : ١١٦) (٧) [فعلى وقوع الماضي موقع المستقبل فيهما ، دليله قوله تعالى : (ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍ) أي : (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ) (المائدة : ١١٦) «تكن قد علمته»] (٧) وهو عدول عن (٨) الجواب إلى ما هو أبدع منه كما سبق.
وأما قوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) (يوسف : ١٧) فالمعنى
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) تصحفت في المخطوطة إلى (البيانوني).
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) تصحفت في المخطوطة إلى (قولك).
(٥) في المخطوطة (اكتفئ).
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٨) في المطبوعة (إلى).