ـ والله أعلم ـ : «ما أنت بمصدّق لنا ولو ظهرت لك براءتنا ، بتفضيلك إياه علينا» ، وقد أتوه بدلائل كاذبة ولم يصدقهم ، وقرّعوه (١) بقولهم : (إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) (يوسف : ٩٥) وإجماعهم على إرادة (٢) قتله ، ثم رميهم له في الجب أكبر من قولهم : (وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) (يوسف : ١٧) عندك.
الخامسة : أدوات الشرط حروف وهي «إن» ، وأسماء مضمّنة معناها. ثم منها ما ليس بظرف ك : «من» و «ما» و «أي» و «مهما» ، وأسماء هي ظروف : «أين» و «أينما» و «متى» و «حيثما» و «إذ ما». وأقواها دلالة على الشرط دلالة «إن» لبساطتها ، ولهذا كانت أم الباب. وما سواها فمركب من معنى «إن» وزيادة معه ، فمن معناه كلّ (٣) في حكم إن ، وما معناه كلّ شيء إن ، و «أينما» و «حيثما» يدلان على المكان وعلى «إن» و «إذ ما» و «متى» يدلان (٤) على الشرط والزمان.
وقد تدخل «ما» على «إن» وهي أبلغ في الشرط من «إن» ولذلك تتلقى (٥) بالنون المبنيّ عليها المضارع نحو : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ [إِلَيْهِمْ]) (٦) (الأنفال : ٥٨) وقوله [تعالى] (٦) : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما) (الإسراء : ٢٣).
ومما ضمّن معنى الشرط «إذا» ، وهي ك «إن» ، ويفترقان في أنّ «إن» تستعمل في المحتمل المشكوك فيه ، ولهذا يقبح : إن احمرّ البسر كان كذا ، وإن انتصف النهار آتك ، وتكون «إذا» للجزم ، فوقوعه إما تحقيقا نحو : إذا اطلعت الشمس كان كذا ، أو اعتبارا كما سنذكره. قال ابن الضائع (٧) : ولذلك (٨) إذا قيل : «إذا احمرّ البسر فأنت طالق» وقع الطلاق في الحال عند مالك ؛ لأنه شيء لا بدّ منه : وإنما يتوقف على السبب الذي قد يكون وقد لا يكون ، وهذا هو الأصل فيهما.
وقد تستعمل «إن» في مقام الجزم لأسباب :
__________________
(١) في المخطوطة (وقد حبوه).
(٢) في المخطوطة (إياد).
(٣) في المخطوطة (كهل).
(٤) في المخطوطة (لا يدلان).
(٥) في المخطوطة (يتلقى).
(٦) ليست في المخطوطة.
(٨) هو علي بن محمد بن علي بن يوسف الكتامي ، تقدمت ترجمته في ٢ / ٣٦٤.
(٩) في المخطوطة (وكذا).