٦ ـ ومنها التغليب ، كقوله [تعالى] : (١) : (إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ) (الحج : ٥) وقوله [تعالى] (١) : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا) (البقرة : ٢٣) فاستعمل «إن» مع تحقق الارتياب (٢) منهم ؛ لأن الكلّ لم يكونوا مرتابين ، فغلّب [غير] (٣) المرتابين منهم على المرتابين ؛ لأن صدور الارتياب من غير الارتياب مشكوك في كونه ، فلذلك (٤) استعمل «إن» على حدّ قوله : (إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ) (الأعراف : ٨٩).
واعلم أن [إن] (٣) لأجل أنها لا تستعمل إلا في المعاني المحتملة كان جوابها معلقا على ما يحتمل أن يكون وألا يكون ، فيختار فيه أن يكون بلفظ المضارع المحتمل للوقوع وعدمه ، ليطابق اللفظ والمعنى ، فإن عدل عن المضارع إلى الماضي (٥) لم يعدل إلا لنكتة ، كقوله [تعالى] (٦) : (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) (الممتحنة : ٢) فأتى الجواب مضارعا ، وهو (يَكُونُوا) (٧) وما عطف عليه ، وهو (يَبْسُطُوا) مضارعا أيضا ، وأنه قد (٨) عطف عليه «ودّوا» بلفظ الماضي ، وكان قياسه المضارع ؛ لأن المعطوف على الجواب جواب ، ولكنه لما لم يحتمل ودادتهم لكفرهم من الشك فيها (٩) [ما] يحتمله أنهم إذا ثقفوهم صاروا (١٠) لهم أعداء ، وبسطوا (١١) أيديهم إليهم بالقتل ، وألسنتهم بالشتم ـ أتى فيه بلفظ الماضي ؛ لأن ودادتهم في ذلك مقطوع بها ، وكونهم أعداء وباسطي الأيدي والألسن بالسوء مشكوك ، لاحتمال أن يعرض ما يصدّهم عنه ، فلم يتحقق وقوعه.
وأما «إذا» فلما (١٢) كانت في المعاني المحققة غلب (١٣) لفظ الماضي معها ، لكونه أدلّ
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (الأسباب).
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (فكذلك).
(٥) في المخطوطة (المضارع).
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (بابه).
(٨) في المخطوطة (بابه ثم).
(٩) في المخطوطة (فيما) و (ما) ساقطة من المخطوطة.
(١٠) في المخطوطة (يكونوا).
(١١) في المخطوطة (وبسطوا إليكم أيديهم ...).
(١٢) في المخطوطة (قلّما).
(١٣) في المخطوطة (غلب على لفظ ...).