ويقول يونس (١) : قال كثير من النحويين ، إنهم يقولون : ألف الاستفهام دخلت في غير موضعها ؛ لأنّ الغرض] إنما [هو] (٢) : «أتنقلبون (٣) إن مات محمد». وقال أبو البقاء (٤) : «قال يونس (١) : الهمزة في مثل هذا حقّها (٥) أن تدخل على جواب الشرط ، تقديره : أتنقلبون (٦) إن مات [محمد] (٨) لأن الغرض التنبيه أو التوبيخ على هذا الفعل [١٣٤ / ب] المشروط ، ومذهب سيبويه (٧) الحقّ لوجهين : (أحدهما) أنك لو قدمت الجواب لم يكن للفاء وجه ؛ إذ لا يصح أن تقول (٨) : أتزورني (٩) فإن زرتك ، ومنه قوله : (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) (الأنبياء : ٣٤) ، (والثاني) أن الهمزة لها صدر الكلام (١٠) [و «إن» لها صدر الكلام] (١١) وقد وقعا في موضعهما ، والمعنى يتم بدخول الهمزة على جملة الشرط والجواب ؛ لأنهما كالشيء الواحد». انتهى.
وقد رد النحويون على يونس بقوله [تعالى] (١٢) (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) (الأنبياء : ٣٤) لا يجوز في (فَهُمُ*) أن ينوى به التقديم ؛ لأنه يصير التقدير : «أفهم»
__________________
(١) هو يونس بن حبيب أبو عبد الرحمن الضبيّ النحوي ولد سنة (٩٠) أخذ الأدب عن أبي عمرو بن العلاء وحماد بن سلمة ، وكان النحو أغلب عليه ، وسمع من العرب ، وروى سيبويه عنه كثيرا ، وسمع منه الكسائي والفراء ، وكانت حلقته بالبصرة ينتابها الأدباء وفصحاء العرب وأهل البادية. وله من التصانيف «اللغات» و «الأمثال» و «النوادر» وغيرها. ت ١٨٢ ه (وفيات الأعيان ٧ / ٢٤٤).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٣) في المخطوطة (ينقلبون).
(٤) هو عبد الله بن الحسين بن عبد الله ، أبو البقاء العكبري ، تقدمت ترجمته في ١ / ١٥٩. وانظر قوله في كتابه إملاء ما من به الرحمن ص ١ / ٨٨ (طبعة الميمنية بالقاهرة).
(٥) في المطبوعة : (أحقها) ، والتصويب من المخطوطة ، وهو الموافق لقول العكبري.
(٦) في عبارة العكبري كلمتان أسقطها الزركشي وهما : (على أعقابكم).
(٧) ليست في المخطوطة ، ولا عند العكبري.
(٨) انظر كتاب سيبويه ٣ / ٨٣ ، (بتحقيق عبد السلام محمد هارون) ، باب الجزاء إذا دخلت فيه ألف الاستفهام.
(٩) في المخطوطة (يقول) ، والتصويب من العكبري.
(١٠) في المخطوطة (إن تزورني) والتصويب من العكبري.
(١١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة ، وهو موجود عند العكبري.
(١٢) ليست في المطبوعة.