فهذه هي الموصولة [٦٣ / ب] وهي بخلاف : (لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً) (١) (الآية : ٧٠) في النحل ؛ لأن الظرف في هذا خاص الاعتبار ؛ وهو في الأول عام الاعتبار لدخول «من» عليه ؛ وهذا كقوله تعالى عن أهل الجنّة : (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ) (الطور : ٢٦) ، اختص المظروف ب «قبل» في الدنيا ، ففيها كانوا مشفقين خاصة. وقال تعالى : (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) (الطور : ٢٨) ، فهذا الظرف عام لدعائهم بذلك في الدنيا والآخرة فلم يختص المظروف ب «قبل» بالدنيا. وكذلك : (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً) (الأحزاب : ٣٧) فهذا المنفي هو حرج مقيد بظرفين.
وكذلك : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) (الحشر : ٧) ، فهذا النفي هو كون : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) (الحشر : ٧) دولة بين الأغنياء من المؤمنين ، وهذه قيود كثيرة.
* ومن ذلك «هم» ونحوه من الضمائر تدلّ على جملة المسمّى من غير تفصيل ، والإضمار حال لا صفة وجود ، فلا يلزمها التقسيم الوجوديّ إلا الوهمي الشعريّ والخطأ بما يرسم على العلم الحق.
* ومن ذلك (٢) «مال» (٣) أربعة أحرف مفصولة ؛ وذلك أن اللام وصلة إضافية ، فقطعت حيث تقطع الإضافة في الوجود.
فأولها في سورة النساء : (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ) (النساء : ٧٨) ، هذه الإشارة للفريق الذين نافقوا من القوم الذين قيل لهم : (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) (النساء : ٧٧) فقطعوا وصل السيئة بالحسنة في الإضافة إلى الله ففرقوا بينهما ، كما أخبر سبحانه [والله] (٤) قد وصل ذلك وأمر به في قوله : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (النساء : ٧٨) فقطعوا في الوجود ما أمر الله به أن يوصل ؛ فقطع لام وصلهم في الخطّ علامة لذلك. وفيه تنبيه على أنّ الله يقطع وصلهم
__________________
(١) الآية في المخطوطة (من بعد علم) بزيادة (من) والصواب ما أثبتناه.
(٢) في المخطوطة (وكذلك «مال»).
(٣) انظر المقنع للداني ص ٧٥ باب ذكر ما رسم في المصاحف من الحروف المقطوعة على الأصل والموصولة على اللفظ ، ذكر فمال.
(٤) لفظ الجلالة ليس في المخطوطة.