المراد بالمعترض ما اعترض بين الشرط وجوابه ، وهنا ليس كذلك ؛ فإنّ على مذهب الكوفيين لا حذف والجواب مقدّم ، وعلى قول البصريين الحذف (١) بين الشرطين.
(وهنا فائدة) ؛ وهي أنه لم عدل عن «إن نصحت» إلى ([إِنْ] (٢) أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ)؟ وكأنه ـ والله أعلم ـ أدب مع الله تعالى ، حيث أراد الإغواء. وقد أحسن الزمخشري (٣) فلم يأت بلفظ الاعتراض في الآية ؛ بل سماه مرادفا ؛ وهو صحيح ، وقال : إن قوله تعالى : (إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) ، جزاؤه ما دلّ عليه قوله : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي). وجعل ابن مالك تقدير الآية : «إن أردت (٤) أنصح لكم» مرادا [ذلك] (٥) منكم. لا ينفعكم نصحي ، وهو يجعله من باب الاعتراض ، وفيه ما ذكرنا.
(الآية الثالثة) : قوله تعالى : (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ ..) الآية (الأحزاب : ٥٠) وهي كالتي قبلها ، لتقدّم الجزاء أو دليله على الشرطين ، فالاحتمال فيها كما قدمنا. وقال الزمخشريّ (٦) : «شرط في الإحلال [١٣٥ / ب] هبتها نفسها ، وفي الهبة إرادة الاستنكاح ، كأنه قال (٧) : أحللناها لك إن وهبت نفسها لك ، وأنت تريد أن تنكحها ، لأن إرادته هي قبول الهبة ، وما به (٨) تتم». وحاصله أن الشرط الثاني مقيّد للأول. ويحتمل أن يكون من الاعتراض ، كأنه قال : إن وهبت نفسها ، إن أراد النبيّ ، أحللناها ، فيكون جوابا للأول ، ويقدّر جواب الثاني محذوفا.
(الآية الرابعة) : قوله تعالى : (يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) (٩) (يونس : ٨٤) وغلط من جعلها من الاعتراض ، لأن الشرط الأول اقترن بجوابه ، ثم أتى بالثاني بعد ذلك ، وإذا ذكر جواب الثاني تاليا له فأيّ اعتراض هنا؟ ولهذا قال المجوّزون لهذه المسألة : إن الجواب المذكور للأول ، وجواب الثاني تاليا فأيّ اعتراض هنا؟ ولهذا قال المجوّزون لهذه المسألة : إن الجواب المذكور للأول ، وجواب الثاني محذوف (١٠) [لدلالة الأول وجوابه عليه ، والتقدير في الآية : «إن كنتم مسلمين فإن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا» ، فحذف الجواب] (١٠) لدلالة السابق عليه.
__________________
(١) في المخطوطة (الحرف).
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) انظر الكشاف ٢ / ٢١٤.
(٤) في المخطوطة (أن أنصح) بزيادة (أن).
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) انظر الكشاف ٣ / ٢٤٢.
(٧) في المخطوطة (فإنه).
(٨) في المخطوطة (بها).
(٩) تصحفت في المخطوطة إلى (مؤمنين).
(١٠) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.