ومنها قصد تحقيق (١) المخبر به كقوله تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ) (البقرة : ٣٠) فأكد بإنّ وباسم الفاعل ؛ مع أنهم ليسوا بشاكين (٢) في الخبر. ومثله : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (الزمر : ٣٠) وقال حاكيا عن نوح : (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ) (نوح : ٢٧).
ومنها قصد إغاظة (٣) السامع بذلك الخبر ؛ كقوله : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (يس : ٣).
ومنها الترغيب ، كقوله : (فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة : ٥٤) أكّده بأربع تأكيدات ، وهي : إن ، وضمير الفصل ، والمبالغتان مع الصفتين له ؛ ليدل على ترغيب الله العبد في التوبة ؛ فإنه إذا علم ذلك طمع في عفوه. وقوله : (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) (التوبة : ٤٠).
ومنها الإعلام بأن المخبر [به] (٤) كله من عند المتكلم ، كقوله : [١٣٨ / ب](فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) (البقرة : ٣٨) دون الاقتصار على «يأتينكم هدى» ، قال المفسرون : فيه إشارة إلى أن الخير كلّه منه. وعليه قوله : (قَدْ جاءَتْكُمْ (٥) مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ [لِما فِي الصُّدُورِ] (٦)) (يونس : ٥٧) (قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ) (النساء : ١٧٤).
ومنها التعريض بأمر آخر ؛ كقوله تعالى : (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) (القصص : ١٦) وقول موسى [عليهالسلام] (٧) (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (القصص : ٢٤) وقوله تعالى : (قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) (آل عمران : ٣٦) تعريضا بسؤال قبولها ؛ فإنها كانت تطلب للنذر ذكرا.
تنبيهان
(الأول) : قالوا : إنما يؤتى به للحاجة للتحرّز عن ذكر ما لا فائدة له ، فإن كان المخاطب ساذجا ألقي إليه الكلام خاليا (٨) عن التأكيد ، وإن كان متردّدا فيه حسن تقويته بمؤكد ، وإن كان منكرا وجب تأكيده (٩). ويراعى في القوة والضعف بحسب حال المنكر ؛ كما في قوله تعالى
__________________
(١) في المخطوطة (لقصد التحقيق) بدل (قصد تحقيق).
(٢) في المخطوطة (الشاكين).
(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (أغلظة).
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) تصحفت في المخطوطة إلى (لقد جاءكم).
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) ليست في المطبوعة.
(٨) في المخطوطة (خال).
(٩) في المخطوطة (توكيده).